للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدقات، ثم قال: (فمن سئلها على وجهها فليعطه، ومن سأل فوقها فلا يعطه). وإن سأله الوالي قيمة الزكاة، فإن كان الوالي من أهل الاجتهاد فأداه رأيه إلى أن ذلك جائز، فحكم به على رب المال، جاز عليه حكمه وسقط به أن وقع الحق. وإن لم يكن من أهل الاجتهاد، فإنما هو ظلم يظلمه به فلا يسقط به الحق عنه والله أعلم.

فصل

وينبغي إذ أخذ المصدق زكاة مال رجل كما وجب عليه أن يدعو له بالخير والبركة، قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها، وصل عليهم إن صلاتك سكن). وروى عنه أنه لما جاءه ابن أبي أوفى بصدقات قومه قال: (اللهم صلي على آل أبي أوفى). فإن أغفل المصدق أن يدعو لرب المال فحق لرب المال أن يأمر بأن يدعو له.

قال النبي صلى الله عليه وسلم لشبر بن الجصاص، لما قال له: أن أصحاب الصدقة يعتدون علنا أفمكنتهم من أموالنا قدر ما يريدون علينا؟ فقال: (لا، ولكن أخرجوه لهم، فإن أخذوهم وهم فليصلوا عليكم، وتلا: {وصل عليهم أن صلاتك سكن لهم}.

وكان جرير بن عبد الله يقول لنبيه: إذا جاءكم فلا تدعوا، إذا صدق الغنم الماشية أن تأمروه أن يدعو لكم عليها بالبركة، والدعاء أن يقول لرب المال: آجرك الله فيما أعطيت وبارك لك فيما أبقيت.

فأما ما قيل في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى سيدًا عن كتمان ماله، فليس على معنى أنه أمره أن يعطي المصدق ما لا يلزمه، ولكن لأن لا يكون قد جاء المصدق فمنعه إحصاء ما كان به إحصاؤه، فلا ينبغي للمصدق أن يتعدى في الصدقة، فإنه إن تعدى، فقد قال

<<  <  ج: ص:  >  >>