وقد قيل في قوله عز وجل:{إذا الشمس كورت} أذهب ضوؤها حتى تصير هي والقمر كالخاسفين، فذلك قوله:{وخسف القمر وجمع الشمس والقمر} وقيل: كورت: لفت. وقيل: تلق ثم تتلقى في البحار، فمنها يحمي وينقلب نارا ويحتمل أن هذا كان هذا هكذا، إن البحار في قوله بين فقد فسر التسجير بالامتلاء. مما هو أن النار حينئذ تكون أكثر ما كان الماء، لأن الشمس أعظم من الأرض مرات كثيرة. فإذا كورت وألقيت في البحار، فصارت نارا، ازدادت امتلاء والله أعلم.
وأما الكواكب بعد انتشارها فليس في شيء من أخبار المسلمين ذكر لها يكون من حالها. وفي بعض كتب الأقاويل أن الكواكب في النشأة الثانية تهبط سفلا وتحيط بالأرض كالدائرة، وتلعب فتتلقاها الأنفس الشريرة. فقد يحتمل أن كان ما وصفوه مأخوذ عن شيء، فإن الكواكب إذا انتثرت سقطت في البحار فصير معها سرابا، وإذا ذهبت المياه برزت الجحيم فتناثرت الكواكب، سقطت في النيران والتهب منها.
وقد أخبر الله عز وجل {أن السموات يوم القيامة مطويات بيمينه} وقال: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} ويحتمل أنها إذا وهت كما قال عز وجل: وانشقت السماء فهي يومئذ واهية، إن الملائكة يطودنها بأمر الله جل ثناؤه طيبا شديدا لئلا تعود فتنشر، كما يطوي الرجل ما يكون مكتوبا فيه من ذكر حكم مبرم أو غير مبالغة في صيانته عن أن ينشر فيلحقه من الانتشار خلل، ولذلك قال عز وجل بيمينه، فإن كل عمل عمله العامل بيمينه كان أشد وأوفى من الذي يعمله بيساره، إذ اليمين أقوى من الشمال فضربت اليمين مثلا لشدة الطي، والله أعلم.
وكلما طويت سماء نزلت ملائكتها إلى الأرض كما قال عز وجل:{ويوم تشقق السماء بالغمام، ونزل الملائكة تنزيلا}.
وقيل أن معنى قول الله عز وجل:{وفتحت السماء فكانت أبوابا}. هو أنها تفرج بعد أن لم يكن لها فرج وتفتح لها أبواب وتنزل فيها الملائكة.