للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من سقم ولا وجع يصيب المؤمن إلا كان كفارة لذنبه حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها). وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الحمى كير من جهنم، فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار).

وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كنوز البر كتمان الأمراض والمصائب) ويشبه أن يكون المراد بالحديث أن الله عز وجل جعل الصبر في البأساء والضراء في كتابه من البر. ومن ذلك ما روى عنه صلى الله عيله وسلم أنه قال: (يقول الله: إن عبدًا من عبيدي ابتليته ببلاء على فراشه، فلم يشك إلى عواده، أبدلته لحمًا خير من لحمه، ودماء خير من دمه، فإن قبضته قال: رحمتي، وإن عاقبته وليس له ذنب. قيل: يا رسول الله، لحم خير من لحمه! قال: لحم لم يذنب. قيل: ودم خير من دمه! قال: دم يدمي).

وأما الصبر على الشهوات حلالها وحرامها، وعن كل ما لا ضرورة به إليه، فإن من أطاقه كان سيدًا، كما وصف الله تعالى به يحيى بن زكريا صلوات الله عليه، فقال: {وسيدًا وحصورًا ونبيًا من الصالحين} لأن اسم الحصور كاسم الصبور، فإن الصبر والحصر جميعًا هما الحبس، فصار حابسًا نفسه عن الشهوات حلالها وحرامها، وإنه ما لم يخطأ ولا هم يخطئه.

وقد أباح الله عز وجل نكاح الأمة لمن خشي العنت، ثم قال: {وإن تصبروا خير لكم} وندب إلى الصبر عما أباح. وأباح في الأول الأمر لمن شهد الشهر وهو صحيح مقيم أن يفطر في الشهر ثم يقضي ويفتدى، فقال مع ذلك {ون تصوموا خير لكم} فندب إلى الصيام الذي هو صبر عن الطعام والشراب، وإن كان قد أباح الفطر، ثم نسخ بقوله عز وجل: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه فثبت فرض الصوم على الصحيح المقيم، ولم يجعل الإفطار إلا للمريض والمسافر.

<<  <  ج: ص:  >  >>