للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا كان الذين يبيعون برخص العدد اليسير الواحد والاثنين والثلاثة ونحو ذلك أقر الأكثر على ما يبيعون ولم يردوا إليهم حتى يكونوا كثيرا قيل للباقين وإن كانوا أكثر منهم إما أن تبيعوا ببيع هؤلاء وإما أن ترفعوا من السوق. فلا يرد الكثير إلى القليل ويرد إلى (الأكثر) القليل والكثير وإذا كان الكل قليلا فالأقل منهم تبع للأكثر إذا كان الأكثر يبيعون أرخص وإن كان الأكثر هم الذين يبيعون أغلى ترك كل واحد منهم على ما يبيع.

وقد ذهب بعض الناس تأويلا على رواية ابن القاسم وكان مثلها إلى أن الواحد والاثنين من أهل السوق ليس لهم أن يبيعوا بأرخص مما يبيع أهل الأسواق لأن ذلك ضرر بهم وممن ذهب إلى ذلك عبد الوهاب بن محمد بن نصر البغدادي وهو غلط ظاهر إذ لا يلام أحد على المسامحة في البيع والحطيطة فيه بل يشكر على ذلك إن فعله لوجوه الناس ويؤجر إذا فعله لوجه الله.

قلت هذا الذي ذكره ابن رشد رحه هو عين ما وقع في سماع عيسى في رسم باع شاة منه في الرسم المذكور قلت له أرأيت لو واحدا أقام واللحم ثلاثة أرطال فيباع أربعة هل يقام له الناس قال لا يقام الناس لواحد ولا لاثنين ولا لثلاثة ولا لأربعة ولا لخمسة ولو رفع لواحد لاشترى سلعا بحكمه إذ لا يبيع معه أحد فيدخل على الناس في ذلك ضررا ولكن يبيع هو ويبيع الناس معه ولا يقام لواحد وإنما يقام الواحد والإثنان إذا كان جل الناس على سعر فقام الواحد والإثنان فحطوا من السعر فأدخلوا الفساد فأولائك يقامون من السوق أو يلحقون بسعر الناس هـ.

منكرات الربا

ومن أكبر ما بقي ذكره من مناكر الأسواق التي يشتد الحكام في تغييرها ويتقدموا بالتغليظ القوي في زجر من أذعن ببقائها وتقريرها منكرات الربا فتلك المعصية التي أذن الله فيها بالحرب وبما وقع في محكم التنزيل من الوعيد في شأنها تأكد انقباض أفئدة العقلاء من الكرب قال مولانا الكريم في قرآنه العظيم: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} وقال: {الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس} وقال: {وما أتيتم

<<  <   >  >>