للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصبره واستعاذته بربه منه، وأعان الشيطانَ على الإنسان بفجوره ونسيانه (١) لربه ومعصيته لأمره.

وامتحن بدنَ الإنسان وجوارحه بنفسه، ونفسَه ببدنه وجوارحه.

ولا تزال الخصومة بين يدي الرب تعالى بين هؤلاء الممتحن بعضهم ببعض، حتى تختصم الروح والبدن بسبب ذلك الامتحان والفتنة، فيحكم بينهما بأعدل الحكم.

وجعل سبحانه حكمة هذه الفتنة والمحنة استخراجَ صبرهم وصدقهم، فمن صبر وصدق كانت الفتنة في حقه عين كماله وسعادته، ومن لم يصبر ولم يصدق كانت هذه المحنة سببَ هلاكه، فهذه المحنة عينُ حكمته، فهي كالكِيْر الذي ميَّز بين الطيب والخبيث، ولولا هذا الامتحان لما تميز هذا من هذا. وإذا عرف العبد هذا فما أولاه بالصبر والتأنّي (٢) إذا علم أن العالم كله في محنة! وبالله التوفيق.

وسمع قارئًا يقرأ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ} [الانشراح: ١ - ٤]، فقال: شرح الله صدرَ رسوله أتمَّ الشرح، ووضع عنه وِزره كل الوضع، ورفع له ذكره كل الرفع، وجعل لأتباعه حظًّا من ذلك، إذ كل متبوع فلأتباعه (٣) حظ ونصيب من


(١) ع: "بسيئاته" تحريف.
(٢) في الأصل: "والتأسي".
(٣) ع: "فلا يتابعه" تحريف.