وألقى القبض أيضًا على الحاج عبد الخالق عديل، وأخذ جميع أمواله، وأخذ جميع أموال الزوايا ولم يترك بها قليلا ولا كثيرا.
ثم رجع لمكناسة وفعل بأهلها ما فعل بأهل فاس، حتى عدمت الفلوس وتعذر البيع والابتياع.
وفى التاسع عشر من ذى الحجة المذكور كان قتال بسايس بين أتباع المترجم وصنوه السلطان عبد الله، وكان الذى يرأس جيش المترجم القائد العباس بورمانة، واشتد القتال وكثر الطعان، ودام ذلك نحو أربع ساعات، ثم انجلى عن هزيمة بورمانة وحزبه وتركهم أشلاء موتاهم مبعثرة على الهضاب والرُّبَى، واستيلاء شيعة السلطان عبد الله على الأثقال والمقومات، ولولا حيلولة الظلام بين الفريقين لاستأصل السيف بورمانة ومن انضم إليه، ولكن لما أرخى الظلام ستوره نجت البقية الباقية بنفسها حافية عارية، وقصد فريق منها ناحية فاس وفريق يمم العاصمة المكناسية إذ قد كان المترجم يومئذ بها.
ولم تزل نيران الفتن في توقد واشتعال. وأحوال الرعية في اختلال، وضعف وانحلال، وعم جميع المغرب الغلاء، وعظم البلاء، وأكل القوى الضعيف، وانتكس المشروف والشريف، وصارت أموال الناس غنيمة باردة للصوص والبغاة، وفشت المناكر، وتعذر الأمن في السابلة، وارتفعت الأسعار في سائر الأمصار. ولا سيما في عاصمتى مكناس وفاس، وزادتا على غيرهما بالمضايقة والحصار.
واستولى على مكناسة الخراب والدمار، وتوالت الهزائم على عساكرها وضعف الجند وكثرت الثوار، منهم الباشا الحوات ثار واستولى على عبيد مشرع الرملة وبنى مالك والطليق وما والى ذلك من القبائل وثار الباشا أحمد الريفى واستولى على الفحص وبلاد غمارة وما والاهما من العمائر والقرى والثغور