وبدع فاعله، وسمعت عنه أكثر من هذا، وهذا لم يقل به أحد من علماء الأمة، بل الناس فيه علي مذهبين فمنهم من كرهه، لأنه لم يكن في زمنه عليه السلام ولا الخليفتين بعده.
ومنهم من استحبه وراعى فيه المعنى من الأذان قبل الفجر في صلاة الصبح للحرص على المبادرة بها أول الوقت.
ولما ورد من الرغبة في التبكير والتهجير بها ولم يكن في ذلك الزمن الأول لعدم المقتضى فلما كان زمن، عثمان رضي الله عنه ثبت المقتضى وهو كثرة الناس فأحدث الأذان الثاني [في الوضع والأول في الزمان ليجتمع الناس فيكون/ ٢٠٩ - أالآذان الثاني] الذي كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك بخلاف للسنة، فأحدثه بالزوراء بالسوق- وهي دار له- أمر المؤذن أن يعلو علي سطحها وينادي ليتأهب الناس للصلاة ويجتمعوا.
واختلف في هذا الذي أحدثه عثمان رضي الله عنه فمنهم من قال: إنه كان يقول قبل الزوال الصلاة حضرت رحمكم الله، لا الأذان المجموع المعهود ويكون قبل الزوال.
وروى عن ابن حبيب: أنه أجاز الأذان قبل الزوال يوم الجمعة، والذي قبله حكاه بعض شرح الرسالة عن عثمان رضي الله عنه، فهو نص في عين النازلة.
ثم قال البرزلى بعد كلام: والدليل على صحة ما ذهبنا إليه الثابت في الأمصار من الزمن الأول إلى هلم جرا ووضعه أصحاب علم الأوقات في آلاتهم ورسموه كما رسموا وقت الظهر والعصر، وكل ما يدل على الدعاء للصلاة مما قدمناه يدل على هذا، وقد رأيتهم بالقيروان يعملون ذلك على منارلها ثلاث مرات، الأول يقول فيه تأهبوا إلى الصلاة، والثاني أعزموا على الصلاة، والثالث: الصلاة حضرت وبعد يصعد الإمام على المنبر ويجعلون حينئذ من يطوف بالأسواق يحضر ويقيم الناس من حوانيتهم، والفقهاء فيها متوافرون وفهموا من الشريعة أن هذا خفيف إذ لم يرد ما يخالفه من السنة والأعمال بالنيات.