الشاهدين على إقراره بعتقه (فلا) فرق إذا بين ما إذا كان القولان إنشاء أو كانا خبرًا أو كان أحدهما خبرًا والآخر إنشاء من حيث أن المقصود وهو وقوع عتقه إياه قد حصل على كل تقدير من تلك التقادير، نعم إذا تبين بالقرائن أو احتمل أن القول الثاني تأسيس إنشاء كالأول فها هنا لا يصح ضم الشهادتين المختلفتى التاريخ، لأنه لا يكون على عقد العتق إلا شاهد واحد وهو الأول، وأما الثاني فإنما شهد بما لا يصح عقد العتق به، لأن العتق لا ينعقد فيمن تقدم عتقه.
وقال على قوله: أما لو فرضنا كل واحد من الشاهدين صمم على الإنشاء فيما سمعه- إلى قوله- حرفًا حرفًا، لا أحسب/ ١٩٢ - أما بني عليه الفرق من كون القول الثاني خبرًا عن الأول صحيحا بل الذي ينبغي أن يكون أصلًا في هذه المسائل سواء كانت قولًا أو فعلًا أم كيف ما كانت أن ينظر إليها فإن قبلت الضم ضمت وإلا فلا ففي القول بمسألة الإقرار بمال كمن يقول في رمضان لفلان عندي دينار فسمعه شاهد، ثم يقول في شوال لفلان عندي دينار فسمعه آخر فلا شك أن هذا الموضع يقبل الضم، فتكمل الشهادة ويقضي عليه بالدينار، وفي الفعل كمن يشرب الخمر في شوال فيشاهده شاهد، ثم يشربها في ذي القعدة، فيشاهده آخر، فلا شك أن هذا الموضوع يقبل الضم، فإن الشاهدين هنا قد اجتمعا على مشاهدتهما إياه يشرب الخمر فتكمل الشهادة فيلزم الحد، أما القول الذي لا يقبل الضم فكما إذا قال: في رمضان عبدي فلان حر على قصد تأسيس الإنشاء لعتقه فشهد عليه بذلك شاهد ثم كرره ثانيًا على قصد تأسيس الإنشاء فشهد عليه بذلك شاهد وتعذر قبول الضم هنا من قبل أن العتق لا يتعدد. وأما الفعل الذي لا يقبل الضم فكما إذا شهد شاهد أنه شاهد زيدًا قتل عمرًا في شوال وشهد آخر أنه شاهد أنه قتله في ذي القعدة، وتعذر قبول الضم هنا من قبل أن القتل لا يتعدد وعلى ما تقرر تشكل المسألة التي نقل عن مالك- رحمه الله- من أنه إذا شهد أحد الشاهدين أنه طلقها بمكة في رمضان وشهد الآخر