لأن مقتضاه تقدم الإخبار منه ولم يقع، والاعتماد على الكذب لا يجوز فالمستقبل وعد، والماضى كذب، وكذلك اسم الفاعل المقتضى للحال كقولك أنما مخبرك أيها القاضى بكذا فإنه إخبار عن اتصافه بالخبر للقاضى، وذلك لم يقع فى الحال وإنما وقع الإخبار عن هذا الخبر فظهر أن الخبر كيف تصرف لا يجوز للحاكم الاعتماد عليه، وكذلك إذا قال الحاكم للشاهد: بأى شئ تشهد؟ قال: حضرت عند فلان فسمعته يقر بكذا وأشهدنى على نفسه بكذا وشهدت بينهما بصدور البيع أو غير ذلك من العقود، ولا يكون هذا أداء شهادة، ولا يجوز للحاكم الاعتماد عليه بسبب أن هذا مخبر عن أمر تقدم فيحتمل أن يكون قد اطلع بعد ذلك على ما منع من الشهادة به من فسخ أو إقالة أو حدوث ريبة للشهادة تمنع الاداء فلا يجوز لأجل هذه الاحتمالات الاعتماد على شئ من ذلك إذا صدر من هذا الشاهد، فالخبر كيف تقلب لا يجوز الاعتماد عليه بل لابد من إنشاء الإخبار عن الواقعة المشهود/ ١٨٦ - ب بها، والإنشاء ليس بخبر ولذلك لا يحتمل التصديق والتكذيب وقد تقدم الفرق بين البابين، فإذا قال الشاهد: أشهد عندك أيها القاضى بكذا كان إنشاء، ولو قال: شهدت لم يكن إنشاء عكسه فى البيع، فلو قال: أبيعك لم يكن إنشاء للبيع بل إخبار لا ينعقد به البيع بل وعد بالبيع فى المستقبل، ولو قال: بعتك كان إنشاء للبيع، فالإنشاء فى الشهادة بالمضارع وفى العقود بالماضى وفى الطلاق والعتاق بالماضى، ولم الفاعل نحو أنت طالق، وأنت حر. ولم يقع الإنشاء فى البيع والشهادة باسم الفاعل فلو قال: أنا شاهد عندك بكذا، أو أنا بائعك بكذا لم يكن إنشاء وسبب الفرق بين هذه المواطن الوضع العرفى فما وضعه أهل العرف للإنشاء كان إنشاء وما لا فلا، فاتفق أنهم وضعوا للإنشاء الماضى فى العقود والمضارع فى الشهادة والماضى واسم الفاعل فى الطلاق والعتاق فلما كانت هذه الألفاظ موضوعة للإنشاء فى هذه الأبواب صح من الحاكم اعتماده على المضارع فى الشهادة لأنه موضوع له