للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمر به وحض عليه بقوله تعالى أن الله يأمر بالعدل والإحسان ومن ورود كتب بمعنى أثبت وجمع قوله تعالى وكتب في قلوبهم الإيمان والإحسان هنا بمعنى الأحكام والإكمال والتحسين في الأعمال المشروعة فحق من شرع في شيء منها أن يأتي به على غاية كماله ويحافظ على آدابه المصححة والمكملة ومن فعل ذلك قبل عمله وكثر ثوابه (على كل شيء) أي في فعل كل شيء فعلى هنا بمعنى في (فإذا قتلتم) أي قودا أو حداً لغير قاطع طريق وزان محصن لإفادة نص آخر بالتشديد فيهما (فأحسنوا القتلة) بكسر القاف أي هيئة القتل بأن تفعلوا أحسن الطرق أو أخفها إيلاماً وأسرعها زهوقاً ومن إحسان القتلة كما قال القرطبي أن لا يقصد التعذيب لكن يراعى المثلية في القاتل إن أمكن (وإذا ذبحتم) أي بهيمة تحل (فأحسنوا الذبحة) بالكسر هيئة الذبح بالرفق بها فلا يصرعها بعنف ولا يجرها للذبح بعنف ولا يذبحها بحضرة أخرى وبإحداد الآلة وتوجيهها للقبلة واستحضار نية الإباحة والقربة والإجهاز وقطع الودجين والحلقوم وإراحتها تركها حتى تبرد والاعتراف لله بالشكر والنعمة بأن سخرها لنا ولو شاء لسلطها علينا (وليحد) بضم أوله من أحد (أحدكم) أي كل ذابح (شفرته) بفتح الشين المعجمة وسكون الفاء أي سكينه وجوباً في الكالة وندباً في غيرها (وليرح ذبيحته) بضم الياء من أراح إذا حصلت له راحة وإراحتها تحصل بسقيها وإمرار السكين عليها بقوة ليسرع موتها فتستريح من ألمه (حم م ٤) عن شداد بن أوس الخزرجي ابن أخي حسان

(أن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى) أي قضاه وقدره أو أمر الملك بكتابته (أدرك ذلك لا محالة) بفتح الميم أي لابد له من عمل ما قدر عليه أن يعمل لأن ما كتب لابد من إدراكه ولا يستطيع الإنسان أن يدفع ذلك عن نفسه إلا أنه يلام إذا وقع منه ما نهى عنه لحجب ذلك عنه أي كونه مغيباً عنه ولتمكنه من التمسك بالطاعة فبذلك يندفع قول القدرية والجبرية ويؤيده قوله والنفس تمنى وتشتهي لأن المشتهي بخلاف الملجأ وجملة أدرك ذلك لا محالة يحتمل أنها مسببة عما قبلها والفاء محذوفة ويحتمل أنها حال من ابن آدم (فزنا العين النظر) أي إلى ما لا يحل (وزنا اللسان المنطق) أي بما لا يحل من نحو كذب وغيبة وفي رواية النطق (والنفس تمني) بفتح أوله أي تتمنى فحذف إحدى التاءين للتخفيف أي وزنا النفس تمنيها إياه (وتشتهي) أي تشتهي الوقوع فيه وإطلاق الزنى على انظر واللمس وغيرهما بطريق المجاز لأنها من دواعيه فهو من إطلاق اسم المسبب على المسبب ومعنى الحديث أن بني آدم قدر عليهم نصيبهم من الزنا فمنهم من يكون زناه حقيقياً بإدخال الفرج في الفرج ومنهم من يكون زناه مجازياً بالنظر الحرام ونحوه من المكروهات (والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) أي أن فعل بالفرج ما هو المقصود من ذلك فقد صار الفرج مصدقاً لتلك الأعضاء وأن ترك المقصود من ذلك صار الفرج مكذباً لها قال ابن بطال تفضل الله على عباده بغفران اللمم الذي هو الصغائر إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>