والفقر لثقته بالله وتوكله عليه يُعطي جميع ما عنده فلا يبقي لنفسه شيئًا يدخَّر لها، قال الأبي: لم يأمرهم بالإِسلام رغبة في الإعطاء بل لظهور دليل صدقه - صلى الله عليه وسلم - عنده لأن إدعاء النبوة مع جزيل العطاء يدل على وثوقه - صلى الله عليه وسلم - بمن أرسله لأن الله تعالى هو الغني الذي لا يُعجزه شيء اهـ ويؤيد ما ذكره الأبي الرجل لا يخشى الفاقة يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يخشى الفاقة لكمال ثقته بالله تعالى ومثل هذه الثقة لا يكاد يحصل لغير نبي وكذلك يؤيده ما سيأتي من قوله:(أشهد بالله ما طابت بهذا إلا نفس نبي).
وهذا الحديث انفرد به الإِمام مسلم -رحمه الله تعالى- عن أصحاب الأمهات.
ثم ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- المتابعة في حديث أنس - رضي الله عنه - فقال:
٥٨٦٨ - (٠٠)(٠٠)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي الواسطي، ثقة، من (٩) روى عنه في (١٩) بابا (عن حماد بن سلمة) بن دينار الربعي البصري، ثقة، من (٨) روى عنه في (١٦) بابا (عن ثابت) بن أسلم البناني (عن أنس) بن مالك - رضي الله عنه -. وهذا السند من خماسياته، غرضه بيان متابعة ثابت لموسى بن أنس (أن رجلًا) من المشركين هو صفوان بن أمية كما مر آنفًا (سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - غنمًا) يملأ (بين جبلين) قال القرطبي: يعني غنمًا ملء ما بين جبلين كانا هنالك وكان هذا والله أعلم يوم حنين لكثرة ما كان هنالك من غنائم الإبل والبقر والغنم والذراري ولأن هذا الذي أُعطي هذا القدر كان من المؤلفة قلوبهم ألا ترى أنه رجع إلى قومه فدعاهم إلى الإِسلام لأجل العطاء اهـ من المفهم (فأعطاه) أي فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل (إياه) أي غنمًا بين جبلين (فأتى قومه) المشركين (فقال) لهم: (أي قوم) أي يا قوم وأي حرف نداء القريب (أسلموا) أي ادخلوا في الإِسلام (فوالله إن محمدًا ليعطي عطاءً) كثيرًا (ما يخاف) أي لا يخاف آخذه بعده (الفقر) أو ما يخاف محمَّد الفقر (فقال أنس) بالسند السابق: (إن كان الرجل) إن مخففة