فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ أَرَى
ــ
للمتكلم، من أني لا أجيبك إلى ما طلبته مما لا ينبغي لك من الاستخلاف أو المشاركة ومن أني أبلغ ما أنزل إلي وأدفع أمرك بالتي هي أحسن، ووقع في رواية للبخاري (ولن تعدو أمر الله فيك) يعني لن تعدو أنت أمر الله في خيبتك فيما أملته من النبوة وهلاكك دون ذلك أوفيما سبق من قضاء الله تعالى وقدره في شقاوتك (ولئن أدبرت) عن طاعتي والإيمان بي (ليعقرنك الله) أي ليقتلنك الله من العقر وهو القتل، ومنه قوله تعالى:{فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} أي قتلوها وقتله الله تعالى يوم اليمامة وهذا من معجزات النبوة (وإني لأراك) أي لأظنك الشخص (الذي أريت) في المنام (فيك) فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب أي أريت فيه (ما أريت) وقوله وإني لأراك فهو بضم الهمزة بمعنى لأظنك، وأما قوله صلى الله عليه وسلم:"أريت فيه ما أريت" فهو إشارة إلى الرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي والمراد أني أظنك الشخص الذي أراني الله فيه الرؤيا (وهذا) الحاضر معي (ثابت) بن قيس (يجيبك) نيابة (عني ثم انصرف) رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رجع وذهب وأدبر (عنه) أي عن مسيلمة أي من عند مسيلمة إلى منزله ومسجده وإنما فوض صلى الله عليه وسلم الإجابة له عن سؤاله إلى ثابت بن قيس لأنه كان رجلًا خطيبًا يجاوب الوفود عن خطبهم وتشدقهم، قال الحافظ في الفتح [٨/ ٩٠] إنه كان خطيب الأنصار وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطي جوامع الكلم فاكتفى بما قاله لمسيلمة وأعلمه أنه إن كان يريد الإسهاب في الخطاب فهذا الخطيب يقوم عني في ذلك، ويؤخذ منه استعانة الإمام بأهل البلاغة في جواب أهل العناد.
وشارك المؤلف في رواية حديث ابن عباس هذا البخاري في مواضع كثيرة منها في التعبير باب إذا طار الشيء في المنام برقم [٧٠٣٣].
(فقال ابن عباس) رضي الله عنهما بالسند السابق (فسألت) أبا هريرة رضي الله عنه (عن قول النبي صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث أي سألته عن الرؤيا التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في هذا الحديث (إنك) يا مسيلمة (أرى) وأظن