عليه وسلم هذه الضحكة الشديدة حالة سيئة من جملة حالاتك التي تسوء وتعيب لك يا مقداد منكرًا لها عليه لأن كثرة الضحك تميت القلب كما قاله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر أخرجه الترمذي [٤٢١٧] قال المقداد (فقلت) له صلى الله عليه وسلم في جواب ما قاله لي (يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا وفعلت كذا) من شرب نصيبه من اللبن (فقال) لي (النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه إلا رحمة) ونعمة صادرة (من الله) تعالى أي فلما أخبره المقداد بما جرى له وبما أجاب الله من دعوته قال النبي صلى الله عليه وسلم "ما هذه إلا رحمة من الله" معترفًا بفضل الله تعالى وشاكرًا لنعمته ومقرًا بمنته فله الحمد أولًا وآخرًا وباطنًا وظاهرًا اهـ من المفهم.
وحاصل ما في هذا المقام من قوله:(ضحكت حتى سقطت على الأرض إلى قوله هذه رحمة من الله) أن ضحكه رضي الله عنه كان من كمال سروره وزوال حزنه لأنه لما شرب نصيبه صلى الله عليه وسلم خاف أشد الخوف من دعائه صلى الله عليه وسلم ولما قال صلى الله عليه وسلم: اللهم أطعم من الخ، وعلم رضي الله عنه أن دعاءه صلى الله عليه وسلم مستجاب زال حزنه وخوفه وسر أشد سرور ولهذا ضحك إلى أن يسقط على الأرض، ولما قال صلى الله عليه وسلم: إحدى سوآتك يا مقداد؛ أي إنك فعلت سوأة من الفعلات السيئة فما هي أي فما سببها أخبره خبره فقال صلى الله عليه وسلم:"ما هذه إلا رحمة من الله تعالى" اهـ خلاصة ما قاله الشراح والله أعلم.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم (أ) وقعت لك هذه النعمة العظيمة من درور اللبن من الأعنز الهزال (فلا كنت آذنتني) أي أعلمتني هذه النعمة (فنوقظ صاحبينا) النائمين (فيصيبان) أي فيشربان (منها) أي من هذه النعمة نعمة اللبن معنا (قال) المقداد (فقلت) له صلى الله عليه وسلم (والذي بعثك بالحق ما أبالي) ولا أكترث (إذا أصبتها) أي شربتها أنت (وأصبتها) أي شربتها أنا (معك من أصابها) أي لا أبالي من شربها ومن لم يشربها (من الناس) إذا شربت أنت وأنا أي ما يسرني شرب غيرك ولا يحزنني عدم شربه.