قَال: أَقْبَلْتُ أَنَا وَصَاحِبَانِ لِي. وَقَدْ ذَهَبَتْ أَسْمَاعُنَا وَأبْصَارُنَا مِنَ الْجَهْدِ. فَجَعَلْنَا نَعْرِضُ أَنْفُسَنَا عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ. فَلَيسَ أَحَدْ مِنْهُمْ يَقْبَلُنَا. فَأَتَينَا النبي صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ فَانْطَلَقَ بنَا إلى أَهْلِهِ. فَإِذَا ثَلاثَةُ أَعْنُزٍ. فَقَال النبي صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ:"احْتَلِبُوا هذا اللبَنَ بَينَنَا". قَال: فَكُنا نَحتَلِبُ فَيَشْرَبُ كُل إِنْسَانٍ منا نَصِيبَهُ. وَنَرْفَعُ لِلنَّبِي صَلى الله عَلَيهِ وَسلمَ نَصِيبَهُ. قَال: فَيَجِيءُ مِنَ الليلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا
ــ
قديمًا، وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرًا وما بعدها رضي الله عنه. وهذا السند من سداسياته (قال) المقداد (أقبلت) أي جئت (أنا وصاحبان لي) لم أر من ذكر اسمهما إلى مجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا) أي ضعفت حتى قاربت الذهاب (من الجهد) بفتح الجيم بمعنى المشقة والتعب والجوع أي قاربت الذهاب لأجل شدة الجوع وذهاب الأسماع والأبصار كناية عن شدة الجوع، والمراد كاننا لا نسمع ولا نرى شيئًا لأجل شدة الجوع (فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي نتعرض لهم ليطعمونا وذلك لشدة ما بهم من الجوع والضعف (فليس أحد منهم يقبلنا) أي يطعمنا لكونهم مقلين لا يجدون ما يواسونهم به، قال القرطبي: وظاهر حالهم أن ذلك الامتناع ممن تعرضوا له إنما كان لأنهم ما وجدوا شيئًا يطعمونهم إياه كما اتفق للنبي صلى الله عليه وسلم حيث طلب من جميع بيوت نسائه فلم يجد عندهن شيئًا وإن الوقت كان شديدًا عليهم (فأتينا) معاشر الثلاثة (النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق) أي ذهب (بنا) النبي صلى الله عليه وسلم (الي أهله) ومنزلهم (فإذا ثلاثة أعنز) حاضرة جمع عنز نظير كنزٍ وأكنزٍ وهو الأنثى من المعز ويجمع أيضًا على عنوز وعناز بكسر العين كذا في القاموس (فقال) لنا (النبي صلى الله عليه وسلم احتلبوا) لنا هذه الأعنز واقسموا (هذا اللبن) الذي حلبتموه منها (بيننا) أي بيني وبينكم لكل على حدة (قال) المقداد (فكنا) معاشر الثلاثة (نحتلب) اللبن من تلك الأعنز (فيشرب كل إنسان منا نصيبه ونرفع) أي نخبؤ وندخر (للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه) من اللبن بعد القسمة (قال) المقداد (فيجيء) النبي صلى الله عليه وسلم (من) المسجد بعد صلاة العشاء في أوائل (الليل فيسلم) علينا عند الدخول (تسليمًا) متوسطًا بين الرفع والمخافتة بحيث