للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً،

ــ

(عن أبي صالح) ذكوان السمان مولى جويرية بنت الحارث القيسية المدني، ثقة ثبت من الثالثة مات سنة (١٠١) إحدى ومائة، وتقدم البسط في ترجمته وأن المؤلف روى عنه في ثمانية أبواب تقريبًا (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر الدوسي المدني رضي الله عنه، وهذا السند من سداسياته، رجاله ثلاثة منهم مدنيون واثنان بصريان وواحد نيسابوري أو كَسِّيٌّ (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإيمان) أي خصال الإيمان (بضع وسبعون شعبة) أي خصلة، قال القرطبي: الإيمان في هذا الحديث يُراد به الأعمال بدليل أنه ذكر فيه أعلى الأعمال وأكثرها أجرًا وهو قول لا إله إلا الله، وأدناها أي أقربها وأقلها أجرًا وهو إماطة الأذى أي إزالة ما يؤذي الناس كالشوك والحجر عن الطريق، وهما عملان فما بينهما من قبيل الأعمال، وقد تقدم أن أصل الإيمان في اللغة التصديق وفي عرف الشرع تصديق القلب واللسان، وظواهر الشرع تطلقه على الأعمال كما وقع ها هنا "أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله وآخرها إماطة الأذى عن الطريق وقدمنا أن تمامَ الإيمان بالأعمال وكماله بالطاعات وإن التزامَ الطاعات وضمَّ هذه الشعب من جملة التصديق ودلائل عليه، وأنها خُلُقُ أهل التصديق فليست خارجة عن اسم الإيمان الشرعي ولا اللغوي، وقد نبه - عليه السلام - على أفضلها بالتوحيد المتعين على كل مسلم الذي لا يصح شيء من هذه الشعب إلا بعد صحته، وأدناها رفع ما يتوقع ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم وإن لم يقع الأذى بعد وبقي بين هذين الطرفين من أعداد أبواب الإيمان ما لو تكلف حصرها بطريق الاجتهاد لأمكن اهـ إكمال المعلم.

ومقصود هذا الحديث أن الأعمال الشرعية تسمى إيمانًا على ما ذكرناه آنفًا وأنها منحصرة في ذلك العدد غير أن الشرع لم يعين ذلك العدد لنا ولا فصله وقد تكلف بعض المتأخرين تعديد ذلك فتصفح خصال الشريعة وعددها حتى انتهى بها في زعمه إلى ذلك العدد، ولا يصح له ذلك لأنه يمكن الزيادة على ما ذكر، والنقصان مما ذكر ببيان التداخل والصحيح ما صار إليه أبو سليمان الخطابي وغيره أنها منحصرة في علم الله تعالى وعلم رسوله، وموجودة في الشريعة مفصلة فيها، غير أن الشرع لم يوقفنا على أشخاص تلك الأبواب، ولا عين لنا عددها ولا كيفية انقسامها، وذلك لا يضرنا في علمنا بتفاصيل ما كُلفنا به من شريعتنا، ولا في علمنا إذ كل ذلك مفصل مبين في جملة

<<  <  ج: ص:  >  >>