المهمة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة في هذه الأمور أما البسملة و (باسمك اللهم) فمعناهما واحد وكذا قوله محمد بن عبد الله هو أيضًا رسول الله وليس في ترك وصف الله سبحانه وتعالى في هذا الموضع بالرحمن الرحيم ما ينفي ذلك ولا في ترك وصفه صلى الله عليه وسلم أيضًا هنا بالرسالة ما ينفيها فلا مفسدة فيما طلبوه وإنما كانت المفسدة تكون لو طلبوا أن يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم ونحو ذلك وأما شرط رد من جاء منهم ومنع من ذهب إليهم فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة فيهم في هذا الحديث بقوله من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم سيجعل الله فرجًا ومخرجًا ثم كان كما قال صلى الله عليه وسلم فجعل الله للذين جاؤونا منهم وردهم إليهم فرجًا ومخرجًا وهذا من المعجزات ولله الحمد.
قال العلماء: والمصلحة المترتبة على إتمام هذا الصلح ما ظهر من ثمراته الباهرة وفوائده المتظاهرة التي كانت عاقبتها فتح مكة وإسلام أهلها كلها ودخول الناس في دين الله أفواجًا وذلك أنهم قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين ولا تتظاهر عندهم أمور النبي صلى الله عليه وسلم كما هي ولا يحلون بمن يعلمهم بها مفصلة فلما حصل صلح الحديبية اختلطوا بالمسلمين وجاؤوا إلى المدينة وذهب المسلمون إلى مكة وحلوا بأهلهم وأصدقائهم وغيرهم ممن يستنصحونه وسمعوا منه أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مفصلة بجزئياتها ومعجزاته الظاهرة وأعلام نبوته المتظاهرة وحسن سيرته وجميل طريقته وعاينوا بأنفسهم كثيرًا من ذلك فمالت نفوسهم إلى الإيمان حتى بادر خلق منهم إلى الإسلام قبل فتح مكة وازداد الآخرون ميلًا إلى الإسلام فلما كان يوم الفتح أسلموا كلهم لما كان قد تمهد لهم من الميل وكانت العرب من غير قريش في البوادي ينتظرون بإسلامهم إسلام قريش فلما أسلمت قريش أسلمت العرب في البوادي قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢)} اهـ منه وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى ثم استشهد المؤلف رحمه الله ثانيًا لحديث البراء بحديث سهل بن حنيف رضي الله عنه فقال.
٤٤٩٩ - (١٧٣٢)(٧٧) (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح