من رواية إسرائيل عند البخاري في المغازي ولفظها فأخذ رسول الله الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب هذا ما قاضى إلخ وقد تمسك بهذا الظاهر أبو الوليد الباجي فادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب بيده بعد أن لم يكن يحسن يكتب فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه ورموه بالزندقة وأن الذي قاله مخالف القرآن فجمعهم الأمير فاستظهر الباجي عليهم بما لديه من المعرفة وقال للأمير هذا لا ينافي القرآن بل يؤخذ من مفهوم القرآن لأنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن فقال:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} وبعد أن تحققت أميته وتقررت بذلك معجزته وأمن الارتياب في ذلك لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعليم فتكون معجزة أخرى وذكر ابن دحية أن جماعة من العلماء وافقوا الباجي في ذلك منهم شيخه أبو ذر الهروي وأبو الفتح النيسابوري وآخرون من علماء أفريقية وغيرهم.
واحتج بعضهم لذلك بما أخرجه ابن أبي شيبة وعمر بن شبة من طريق مجاهد عن عون بن عبد الله قال ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ قال مجاهد فذكرته للشعبي فقال صدق قد سمعت من يذكر ذلك قال عياض وردت آثار تدل على معرفة حروف الخط وحسن تصويرها كقوله لكاتبه ضع القلم على أذنك فإنه أذكر لك وقوله لمعاوية ألق الدواة وحرف القلم وأقم الباء وفرق السين ولا تعور الميم وقوله لا تمد بسم الله قال: وهذا وإن لم يثبت أنه كتب فلا يبعد أن يرزق علم وضع الكتابة فإنه أوتي علم كل شيء وأجاب الجمهور بضعف هذه الأحاديث وعن قصة الحديبية في الباب بأن القصة واحدة والكاتب فيها علي وقد صرح في حديث المسور أن الذي كتب علي وأن نسبة الكتابة إليه صلى الله عليه وسلم في حديث الباب وفي حديث البخاري في المغازي نسبة مجازية بمعنى أنه أمر بالكتابة ومثل هذه النسبة كثير كقول الراوي كتب إلى قيصر وإلى كسرى مع أنه صلى الله عليه وسلم لم يباشر الكتابة وإنما أمر بذلك قال الجمهور وهذا التأويل أولى لموافقته ما ورد في القرآن من تلقيبه صلى الله عليه وسلم أميًّا وقوله صلى الله عليه وسلم: إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب ومال الحافظ إلى حمل حديث الباب على الظاهر وذلك بأنه صلى الله عليه وسلم على كونه أميًّا كتب في ذلك الوقت بخصوصه معجزة له صلى الله عليه وسلم راجع فتح الباري [٧/ ٥٠٣](فأقام بها) أي بمكة بعدما دخلها في العام المقبل عند عمرة القضاء (ثلاثة أيام فلما أن كان