قابله في جوابه قال النووي في هنا للسببية أي بسبب ماذا أطهرك اهـ (فقال) ماعز:
طهرني (من الزنا) أي من ذنبه بإقامة الحد عليَّ قال القرطبي: قوله: ويحك ارجع فاستغفر الله وتب إليه يدل على أن ما كان من حقوق الله تعالى يكفي في الخروج من إثمه التوبة والاستغفار وإن كان فيه حد وفيه جواز ستر الإمام على الزاني ما لم يتحقق السبب فإذا تحقق السبب الذي يترتب عليه الحد فلا بد من إقامته كما ذكره مالك في الموطإ من مراسيل ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من بلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله رواه مالك في الموطإ [٢/ ٨٢٥] فأما حقوق الآدميين فلا بد مع التوبة من الخروج منها اهـ من المفهم (فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) من عنده من قومه فقال: (أبه جنون) أي نقص عقل وخلل فيه قال القرطبي: هذا سؤال أوجبه ما ظهر على السائل من الحال التي تشبه حال المجنون وذلك أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منتفش الشعر ليس عليه رداء يقول: زنيت فطهرني كما قد صح في الرواية وإلا فليس من المناسب أن ينسب الجنون إلى من أتى على هيئة العشلاء وأتى بكلام منتظم مقيد لا سيما إذا كان طلب الخروج من مأثم اهـ من المفهم وفيه من الفقه ما يدل على أن المجنون لا تعتبر أقواله ولا يتعلق بها حكم وهذا لا يختلف فيه (فأُخبر) بالبناء للمجهول أي أُخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه) أي: أن ماعزًا (ليس بمجنون فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أشرب خمرًا) أي هل شرب مسكرًا (فقام رجل) من الحاضرين عنده صلى الله عليه وسلم ليشم رائحة فمه (فاستنكهه) أي فشم رائحة فم ماعز أي طلب معرفة رائحة فمه والنكهة رائحة الفم وإنما شمه ليعلم أشارب هو أم غير شارب (فلم يجد) الرجل (منه) أي من فم ماعز (ريح خمر) وظاهر هذا الحديث أن السكران مثل المجنون في عدم اعتبار إقراره وأقواله وبه قالت طائفة من أهل العلم وقالت طائفة أخرى؛ وهو مالك وجل أصحابه: يؤخذ بإقراره لأنه لا يعرف المتساكر من السكران ولأنه لما كان مختارًا لإدخال السكر على نفسه صار كأنه مختار لما يكون في سكره.
قال النووي: مذهبنا الصحيح المشهور صحة إقرار السكران ونفوذ أقواله فيما له وعليه والسؤال عن شربه الخمر محمول عنده على أنه لو كان سكران لم يقم عليه الحد