للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فَقَال أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ؛ لأُقَاتِلَنَّ مَن فَرَّقَ بَينَ الصَّلاةِ وَالزكَاةِ، فَإِن الزكَاةَ حَقُّ المَالِ،

ــ

المصنف الأول ودخلوا في غماره وكان هو الأكثر انسحب عليهم اسم الردة ألا ترى أن مقاتلة علي رضي الله عنه لما انفردوا ولم يدخلوا في غمار المشركين كيف سموا بُغاة اهـ الأبي.

واعلم أن ظاهر قول عمر لأبي بكر (كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) أن من نطق بكلمة التوحيد فقط حُكم له بحكم الإسلام، وهذا الظاهر متروك قطعًا إذ لا بد مع ذلك من النطق بالشهادة بالرسالة أو بما يدل عليها لكنه سكت عن كلمة الرسالة لدلالة كلمة التوحيد عليها لأنهما متلازمان فهي مرادة قطعًا ثم النطق بالشهادتين يدل على الدخول في الدين والتصديق بكل ما تضمنه وعلى هذا فالنطق بالكلمة الأولى يُفيد إرادة الثانية كما يقال قرأت (الحمد لله رب العالمين) والمراد جميع السورة، ويدل على صحة ما قلناه الروايات الأُخر التي فيها "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" وفي لفظ آخر "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به" غير أن أبا بكر وعمر لم يحضر لهما في وقت هذه المناظرة غير ذلك اللفظ الذي ذكره إذ لو حضر لهما قوله صلى الله عليه وسلم: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة" لارتفع البحث بينهما لأن هذا اللفظ نص في المطلوب، وأوضح في الدلالة مما استدل به أبو بكر من قوله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة انتهى من القرطبي.

(فقال أبو بكر) مجيبًا لعمر (والله) الذي لا إله غيره (لأقاتلن من فرق بين الصلاة) بأدائها (و) بين (الزكاة) بامتناعه من دفعها (فإن الزكاة حق) وجب في (المال) كما أن الصلاة حق على البدن يُريد بذلك لورودهما في القرآن موردًا واحدًا.

وفي القرطبي: يعني أبو بكر بهذا والله أعلم: أن الله تعالى قد سوَّى بين الصلاة والزكاة في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣] وفي غيرها فقد جمع الله تعالى بينهما في الأمر بهما، والصلاة المأمور بها واجبة قطعًا فالزكاة مثلها فمن فرق بينهما قوتل؛ ويمكن أن نشير بذلك إلى قوله تعالى {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: ٥] ودليل خطابها أن من لم يفعل جميع ذلك لم يُخل

<<  <  ج: ص:  >  >>