رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ. لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيرُهُمْ. فَدَعَا بِهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَجَزَّأَهُمْ أَثْلاثًا. ثُمَّ أَقْرَعَ بَينَهُمْ. فَأَعْتَقَ اثْنَينِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً. وَقَال لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا
ــ
رجلًا) من الأنصار لم أر من ذكر اسمه (أعتق ستة) أعبد (مملوكين له) وقوله: (عند موته) متعلق بأعتق، وقوله:(لم يكن له مال غيرهم) صفة ثانية لمملوكين، قال القرطبي: ظاهره أنه نجز عتقهم في مرض موته، وفي الرواية الأخرى أنه أوصى بعتقهم، وهذا اضطراب لأن القضية واحدة ويرتفع ذلك بأن بعض الرواة تجوّز في لفظ (أوصى) لما نُفّذ عتقهم بعد موت سيدهم في ثلثه لأنه قد تساوى في هذه الصورة حكم تنجيز العتق وحكم الوصية به إذ كلاهما يخرج من الثلث وإنما كان يظهر الفرق بينهما لو لم يمت فإنه كان يكون له الرجوع عن الوصية بالعتق دون تنجيز العتق فإنه إذا صح لزمه إما عتق جميعهم وإما عتق ثلثهم إذ ليس له غيرهم على الخلاف الذي في ذلك لأهل العلم اهـ مفهم (فدعا) أي طلب (بهم) أي بأولئك العبيد (رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ليحضروا إليه فحضروه - صلى الله عليه وسلم - (فجزأهم) بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان أي قسمهم (أثلاثًا) بفتح الهمزة جمع ثلث وهو منصوب على المفعولية المطلقة لجزأهم أي ثلاثة أجزاء يعني قسمهم ثلاثة أقسام اثنين في كل قسم، وفيه دليل على أن العتق المنجز في مرض الموت كالمعلق بالموت في الاعتبار من الثلث وكذلك التبرع المنجز في مرض الموت كالهبة والوقف اهـ مرقاة، ولعل اعتبار العدد لتساوي قيمتهم فإنها لو اختلفت لكان التعديل باعتبارها (ثم أقرع) أي ضرب القرعة وجعلها (بينهم) أي بين الأجزاء الثلاثة بأن كتب أسماء كل نفرين في ورقة أي كتبهم في ثلاثة أوراق وأخذ ورقة واحدة من الثلاثة باسم العتق وترك الورقتين للرق (فأعتق) أي نفذ عتق (اثنين) خرجا في الورقة المأخوذة (وأرقَّ أربعة) منهم أي أبقى الأربعة المكتوبة في الورقتين المتروكتين على الرق يعني قسمهم ثلاثة أقسام: اثنين في كل قسم فنفذ الإعتاق في قسم واحد وأبقى القسمين على الرق لكون الإعتاق في مرض الموت في حكم الوصية والوصية إنما تنفذ من الثلث، وهذا الحديث نص في صحة اعتبار القرعة شرعًا وهو حجة للجمهور مالك والشافعي وأحمد وإسحاق على أبي حنيفة حيث يقول إنه يُعتق من كل واحد منهم ثلثه ولا يُقرع وهذا مخالف لنص الحديث ولا اعتبار له (وقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (له) أي في حق ذلك الرجل الذي أعتق جميع ماله (قولًا شديدًا) كراهية