للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخْبَرَنَا اللَّيثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ قَال: "إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ

ــ

(أخبرنا الليث) بن سعد (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذان السندان من رباعياته (أنه) صلى الله عليه وسلم (قال: إذا تبايع الرجلان) أو المرأتان لأن النساء شقائق الرجال (فكل واحد منهما) محكوم له (بالخيار) في المجلس (ما لم يتفرقا) أي مدة عدم تفرقهما بأبدانهما فإن تفرقا بأبدانهما انقطع خيار المجلس، وقوله: (و) الحال أنهما (كانا جميعًا) أي مجتمعين في مجلس العقد تأكيد لما قبله، والجملة حالية من الضمير في يتفرقا أي: وقد كانا جميعًا وهذا كما قال الخطابي أوضح شيء في ثبوت خيار المجلس وهو مبطل لكل تأويل مخالف لظاهر الحديث، وكذا قوله في آخره: (وإن تفرقا بعد أن يتبايعا) فيه البيان الواضح بأن التفرق بالبدن هو القاطع للخيار ولو كان معناه التفرق بالقول لخلا الحديث عن فائدة اهـ، وقد حمله ابن عمر راوي الحديث على التفرق بالأبدان كما سيأتي وكذا أبو برزة الأسلمي ولا يعرف لهما مخالف بين الصحابة، نعم خالف في ذلك إبراهيم النخعي فروى سعيد بن منصور عنه: إذا وجبت الصفقة فلا خيار. وبذلك قال المالكية إلا ابن حبيب والحنفية كلهم اهـ من الإرشاد.

ومعنى هذا الحديث على القول بأن المراد التفرق القولي (إذا تبايع الرجلان) أي قارب عقدهما أو شرع أحدهما في العقد (فكل واحد منهما بالخيار) من بيعه أي من إتمام عقده (ما لم يتفرقا) قولًا بالقبول بعد الإيجاب.

وقوله: (أو يُخيّر أحدهما الآخر) بصيغة المضارع والنصب بأن مضمرة بعد أو التي بمعنى إلا أي: إلا أن يخيّر أو بمعنى إلى أي إلى أن يخيّر والمعنى إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما محكوم له بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما وكانا مجتمعين إلا أن يخيّر أحدهما الآخر بأن قال له: اختر فاختار فيقطع الخيار أيضًا وإن كانا مجتمعين أو المعنى محكوم له بالخيار إلا أن يخير أحدهما الآخر فينقطع وإن لم يتفرقا، وقال في الفتح: بالجزم عطفًا على المجزوم السابق وهو قوله: ما لم يتفرقا أي محكوم له بالخيار ما لم يتفرقا بأبدانهما أو ما لم يخيّر أحدهما الآخر وبالرفع عطفًا على جواب إذا وتكون أو

<<  <  ج: ص:  >  >>