ساعات الليل (فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم) أي صار النبي صلى الله عليه وسلم في صباح تلك الليلة (عروسًا) على وزن فعول، يستوي فيه المذكر والمؤنث ما داما في إعراسهما، وكان بين سبائها وبين دخول النبي صلى الله عليه وسلم بها زمان أسلمت فيه واستبرئت وأصلح حالها فيه ثم دخل بها بعد ولذلك قال أنس في الرواية الأخرى: ثم دفعها لأمي تصنَّعها وتهيئها وتعتد في بيتها يعني في بيت أم أنس (فـ) لما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال: من كان عنده شيء) من بقايا الأزواد (فليجيء به) أي بما عنده أي فليأتنا بما عنده، فيه إدلال الكبير لأصحابه وطلب طعامهم في نحو هذا ويستحب لأصحاب الزوج وجيرانه مساعدته في الوليمة بطعام من عندهم، قال القرطبي: فيه دليل على مشروعية الوليمة وأنها بعد الدخول، وعلى أن العروس إذا لم يكن له ما يولم به طلب ممن ينبسط معه من أصحابه ويختص به منهم بما لا يثقل عليهم مما يخف ويسهل إذا علم حال أصحابه وسخاوة أنفسهم بذلك وطيب قلوبهم اهـ من المفهم (قال) أنس: (وبسط) النبي صلى الله عليه وسلم (نطعًا) أي سُفرة من جلد مدبوغ أي أمر ببسطها، والنطع فيه أربع لغات مشهورات فتح النون وكسرها مع فتح الطاء وإسكانها، أفصحهن كسر النون مع فتح الطاء، وجمعه نطوع وأنطاع وهي بساط متخذ من أديم أي من جلد مدبوغ (قال) أنس: (فجعل) أي شرع (الرجل) منا (يجيء بالأقط) ممن كان عنده أقط والأقط لبن مجفف قبل نزع زبده يابس متحجر يطبخ به كما مر في زكاة الفطر (وجعل الرجل) الآخر (يجيء) أي يأتي (بالتمر وجعل الرجل) الآخر أيضًا (يجيء بالسمن) وهو الزبد المصفى بالنار من بقايا اللبن (فحاسوا حيسًا) والحيس هو الأقط والتمر والسمن يخلط ويعجن، ومعناه جعلوا هذا المجموع حيسًا أي طعامًا مخلوطًا فأكلوه وقد يجعل مع هذه الثلاثة غيرها كالسويق، وفي بعض الهوامش والحيس تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتَّى يبقى كالثريد، وربما جعل معه سويق، وهو مصدر في الأصل ويقال: حاس الرجل حيسًا من باب باع إذا اتخذ اهـ مصباح، قال الشاعر: