قَالتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ فَرِيضَةَ الله عَلَى عِبَادِهِ في الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيخًا كَبِيرًا. لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ. أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟
ــ
استدلاله بقصة الخثعمية لما ادعاه نظر لأنها كانت محرمة والله أعلم اهـ فتح (قالت: يَا رسول الله إن فريضة الله على عبادة في الحج) أي من الحج (أدركت) تلك الفريضة (أبي) مفعول أدركت أي لزمته حالة كون أبي (شيخًا) وقوله (كبيرًا) صفة أولى لشيخًا أي كبير السن, وقوله (لا يستطيع أن يثبت على الراحلة) صفة ثانية له، ويحتمل أن يكون حالًا أَيضًا ويكون من الأحوال المتداخلة؛ والمعنى أنَّه وجب عليه الحج بأن أسلم وهو بهذه الصفة، وقوله (لا يستطيع أن يثبت على الراحلة) أي لا يقدر على الاستمساك على الراحلة، وزاد في رواية يحيى بن أبي إسحاق وإن شددته خشيت أن يموت.
اتفقت الروايات كلها عن ابن شهاب على أن السائلة كانت امرأة، وأنها سألت عن أبيها، وخالفه يحيى بن أبي إسحاق عن سليمان فاتفق الرواة عنه على أن السائل رجل، ثم اختلفوا عليه في إسناده ومتنه، وكذا وقع الاختلاف في سياق غيره، ففي بعض الروايات إن أبي مات، وفي بعضها إن أمي عجوز كبيرة، وفي بعضها إن امرأة سألت عن أمها، وفي بعضها إن أبي أدركه الحج مع تسمية السائل بحصين بن عوف الخثعمي، وفي أخرى تسميته بأبي الغوث بن حصين الخثعمي، قال الحافظ: بعد تفصيل الاختلاف الواقع بين الروايات والذي يظهر لي من مجموع هذه الطرق أن السائل رجل وكانت ابنته معه فسألت أَيضًا، والمسئول عنه أبوالرَّجل وأمه جميعًا، ويقرب ذلك ما رواه أبو يعلى بإسناد قوي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس قال: كنت ردف النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وأعرابي معه بنت له حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها، وجعلت ألتفت إليها، ويأخذ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم برأسي فيلويه فكان يلبي حتَّى رمى جمرة العقبة. فعلى هذا فقول الشابة إن أبي لعلها أرادت به جدها لأن أباها كان معها، وكأنه أمرها أن تسأل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فيسمع كلامها ويراها رجاء أن يتزوجها فلما لم يرضها سأل أبوها عن أَبيه، ولا مانع أن يسأل أَيضًا عن أمه، وتحصل من هذه الروايات أن اسم الرَّجل حصين بن عوف الخثعمي، وأما ما وقع في الرواية الأخرى أنَّه أبو الغوث بن حصين فإن إسنادها ضعيف اهـ من فتح الملهم. والهمزة في قوله (أفأحج عنه) للاستفهام