وقولُه:(سماعَ) مفعولُ (تَفَقَّد)، وخبرُ (كان) متعلَّقُ الظرفِ في قوله: (إذا كان الراوي)؛ لأن (إذا) ظرفٌ مُجَرَّدٌ عن معنى الشرط متعلِّقٌ بمحذوفٍ خبرِ (كان)، والتقديرُ: وإنما كان شَرْطُ من شَرَطَ سماعَ كُل راوٍ عَمَّنْ رَوَى عنه وقْتَ كونِ الراوي (مِمَّنْ عُرِفَ) وعُلِمَ عندهم (بالتدليسِ) أي: بإسقاطِ مَنْ روى عنه أو بتسميته بغير اسمه المعروف (في) حال رواية (الحديثِ وشُهِرَ بهِ) أي: بالتدليس، وقد تقدَّمَ لك بيانُ أن التدليس عندهم قسمان:
تدليسُ الإسناد: وهو أنْ يُسْقِطَ الراوي شيخه لكونه ضعيفًا ويرتقيَ إلى شيخ شيخه ويذكرَه.
وتدليسُ الشيوخ: وهو أنْ يُسَمِّي شيخَه بغير اسمه المعروفِ عند الناس.
(فحينئذٍ) أي: فحِينَ إذْ كان الراوي ممَّنْ عُرِفَ بالتدليس وشُهِرَ به (يَبْحَثُون) ويُفَتِّشُون (عن سَمَاعِهِ) أي: عن سماع ذلك الراوي عمَّنْ رَوَى عنه (في روايتِهِ) أي: في قبول روايته ذلك الحديثَ (ويَتَفَقَّدُون) أي: يَطْلُبون (ذلك) السماعَ (منه) أي: من ذلك الراوي المُدَلِّسِ ولا يقبلونَ الرواية عنه؛ لإمكان إرساله وتدليسه.
وقوله:(كَي تَنْزَاحَ) وتَبْعُدَ عِلَّةٌ لقوله: (يَتَفَقَّدُون) أي: يَطْلُبون السماعَ منه لكي تنزاحَ وتبعدَ وتَزُولَ (عنهم) أي: عن أئمّة السلف (عِلَّةُ) احتمالِ (التدليسِ) والإرسالِ التي تُوجِبُ عدمَ قبولِ حديثه وتَرْكَ الاحتجاج به.
والفاءُ في قوله:(فمَنِ ابْتَغَى ذلك) للإفصاح، و (منْ) شرطيةٌ، جوابُها محذوفٌ كما سنُقَدِّره فيما بَعْدُ، تقديرُه: إذا عَرَفْتَ قانونَ أئمةِ السلف وأردتَ بيان حُكْمِ مَنْ خَالفَهُمْ .. فأقول لك: مَنِ ابْتَغَى وطَلَبَ ذلك السماعَ (من) راوٍ (غيرِ مُدَلِّسٍ) أي: غير مُتَّهَمٍ بالتدليس.
وقولُه:(على الوَجْهِ) متعلِّقٌ بـ (ابْتَغَى) أي: طَلَبَ السماعِ على الوجه والطريق (الذي زَعَمَ) وقال: (مَنْ حَكَينا) وذَكَرنَا (قولَه) فيما تَقدَّمَ من اشتراط العلم