أي هل أنت (الذي تقول ذلك) الذي أخبرته عنك من سرد القيام وسرد الصيام، قال عبد الله (فقلت له) صلى الله عليه وسلم نعم (قد قلته) أي قد قلت الخبر الذي بلغك مني (يا رسول الله فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك) يا عبد الله (لا تستطيع) ولا تقدر (ذلك) الذي قلته من قيام الليل وصيام النهار ما عشت، يحتمل أن يريد به الحالة الراهنة لما علمه النبي صلى الله عليه وسلم من أنه يكلف نفسه بذلك ويدخل به عليها المشقة ويفوت به ما هو أهم من ذلك، ويحتمل أن يريد به ما سيأتي بعد إذا كبر وعجز كما اتفق له سواء وكره أن يوظف على نفسه شيئًا من العبادة ثم يعجز عنه فيتركه لما تقرر من ذم من فعل ذلك، والفاء في قوله (فصم) للإفصاح لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر تقديره: إذا كان الأمر كذلك وأردت بيان ما هو الأصلح لك فأقول لك صم في بعض الأيام (وأفطر) في بعضها، وفي هذا إشارة إلى صوم نبي الله داود - عليه السلام - (ونم) بفتح النون أمر من النوم أي نم في بعض أوقات الليل (وقم) بضم القاف أمر من قام بالليل لأجل العبادة أي قم وصل في بعض ساعات الليل، قال العيني: وفي الحديث تفقد الإمام أمور رعيته كلياتها وجزئياتها وتعليمهم ما يصلحهم، وفيه أن من تكلف الزيادة وتحمل المشقة على ما طُبع عليه يقع له الخلل في الغالب وربما يغلب ويعجز، وفيه الحض على ملازمة العبادة كأنه قال له: اجمع بين المصلحتين فلا تترك حق العبادة، ولا المندوب بالكلية، ولا تضيع حق نفسك وأهلك وزورك (وصم من الشهر ثلاثة أيام) وهذا بيان لما أجمل في قوله صم وأفطر (فإن الحسنة) الواحدة تجزئ (بعشر أمثالها وذلك) أي صيامك من كل شهر ثلاثة أيام (مثل صيام الدهر) والسنة أي حكمًا لا حسًّا، قال الحافظ: وهذا يقتضي أن المثلية لا تستلزم التساوي من كل جهة لأن المراد بها هنا أصل التضعيف دون التضعيف الحاصل بالفعل ولكن يصدق على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازًا (قال) عبد الله (قلت) له صلى الله عليه وسلم (فإني أطيق أفضل من ذلك) أي أكثر من صيام ثلاثة أيام من كل شهر (قال) له النبي صلى الله عليه وسلم (صم