عطاء والأوزاعي والليث: يجب القضاء في الجماع دون الأكل، وقال أحمد: يجب في الجماع القضاء والكفارة ولا شيء في الأكل، وقال ابن دقيق العيد: ذهب مالك ومن وافقه إلى إيجاب القضاء على من أكل أو شرب ناسيًا وهو القياس فإن الصوم قد فات ركنه وهو من باب المأمورات والقاعدة أن النسيان لا يؤثر في المأمورات، قال القرطبي: وأيضًا إن الذي تعرض في الحديث سقوط المؤاخذة عمن أفطر ناسيًا، والأمر بمضيه على صومه وإتمامه فأما القضاء فلا بد له منه إذ المطلوب صيام يوم تام لا يقع فيه خرم ولم يأت به فهو باق عليه هذا عذر أصحابنا عن هذا الحديث الذي جاء بنص صحيح مسلم، وفي كتاب الدارقطني: لهذا الحديث مساق أنص من هذا عن أبي هريرة مرفوعًا قال (إذا أكل الصائم ناسيًا أو شرب ناسيًا فإنما هو رزق ساقه الله إليه ولا قضاء عليه) رواه الدارقطني [٢/ ١٧٨] قال الدارقطني في إسناده: إسناد صحيح وكلهم ثقات، وفي طريق آخر له (من أفطر في شهر رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ولا كفارة) وهو صحيح أيضًا، وهذه النصوص لا تقبل ذلك الاحتمال والشأن في صحتها فإن صحت وجب الأخذ بها وحُكم بسقوط القضاء اهـ من المفهم (فإنما أطعمه الله) تعالى (وسقاه) يعني أنه لما أفطر ناسيًا لم ينسب إليه من ذلك الفطر شيء وتمحضت نسبة الإطعام والسقي إلى الله تعالى إذ هو فعله ولذلك قال في بعض رواياته (فإنما هو رزق ساقه الله إليه) قال الحافظ رحمه الله تعالى: وفي الحديث لطف الله بعباده والتيسير عليهم ورفع المشقة والحرج عنهم، وقد روى أحمد لهذا الحديث سببًا فأخرج من طريق أم حكيم بن دينار عن مولاتها أم إسحاق أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم فاتى بقصعة من ثريد فأكلت معه ثم تذكرت أنها كانت صائمة فقال لها ذو اليدين: الآن بعد ماشبعت! فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "أتمي صومك، فإنما هو رزق ساقه الله إليك" وفي هذا رد على من فرق بين قليل الأكل وكثيره، ومن المستظرفات ما رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار: أن إنسانًا جاء إلى أبي هريرة فقال: أصبحت صائمًا فنسيت فطعمت؟ ! فقال أبو هريرة: لا بأس، قال: ثم دخلت على إنسان فنسيت فطعمت وشربت، قال: لا بأس الله أطعمك وسقاك، ثم قال: دخلت على إنسان آخر فنسيت فطعمت، فقال أبو هريرة: أنت إنسان لم تتعود الصيام اهـ. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري [٦٦٦٩]، وأبو داود [٢٣٩٨]، والترمذي [٧٢١]، وابن ماجه [١٦٧٣].