للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَخْبَرَتْهُ؛ أَن رَسُولَ الله صلى الله عَلَيهِ وَسلمَ يَصْنَعُ ذَلِكَ. فَقَال: يَا رَسُولَ الله! قَدْ غَفَرَ الله لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَقَال لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيهِ وسلَّمَ: "أَمَا وَاللهِ! إِني لأَتْقَاكُمْ لله، وَأَخْشَاكُمْ لَهُ"

ــ

عليه وسلم بالسؤال عنها هي أم سلمة من أمهات المؤمنين وكانت حاضرة وكانت والدة للسائل كما ذكر آنفًا فكأنه قال: سل أمك قال ابن العربي: أحاله في السؤال على أمه وكان أهل الجاهلية لا يعرض أحدهم لولد الزوجة ولا لأخيها أنه يقبلها ويخالطها وقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في التنزيه عن ذلك أرفع ولكن أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين أن تنزيههم في الجاهلية عن ذلك رعونة ليست من الشريعة فأحاله على أمه اهـ فتح.

فسألها عن ذلك (فأخبرته) أم سلمة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك) التقبيل في حال صومه (فقال) عمر بن أبي سلمة: (يا رسول الله) أنت (قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) فلست مثل الناس إنما قال عمر بن أبي سلمة ذلك لأنه ظن أن جواز التقبيل للصائم من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه لا حرج عليه فيما يفعل لأنه مغفور له فأنكر صلى الله عليه وسلم عليه ذلك (فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما) بتخفيف الميم حرف تنبيه واستفتاح (والله إني لأتقاكم) أي لأشدكم تقوى الله) سبحانه وتعالى (وأخشاكم) أي أكثركم خشية (له) تعالى فكيف تظنون بي أو تجوزون عليَّ ارتكاب منهي عنه يعني ما أنا عليه من التقوى أكثر وأوفر من تقواكم فلا ينبغي لأحد أن يجتنب مما فعلته اتقاءً اهـ ابن الملك.

وقوله: (وأخشاكم له) أي لله وعدى الخشية باللام لتضمنه معنى الإطاعة قيل: الخشية هو تألم القلب بسبب توقع مكروه في المستقبل تارة يكون بكثرة الجناية من العبد وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته وخشية الأنبياء من هذا القبيل اهـ ابن الملك.

وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس خشية له تعالى لأنه أعظمهم له معرفة أي أنا أتقاكم لله بامتثال المأمورات وأخشاكم له باجتناب المنهيات قال عياض: جاء في غير مسلم أنه صلى الله عليه وسلم غضب لقول السائل ذلك وغضبه لذلك ظاهر لأن السائل جوَّز وقوع المنهي عنه منه ولكن لا حرج لأنه قد غفر له ما تقدم وأنكر ذلك وقال: (أما والله إني لأخشاكم) إلخ وهذا الحديث انفرد به الإِمام مسلم رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>