للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال إِسْمَاعِيلُ: مَا اغْتَابَهُ، وَلكِنهُ حَكَمَ أَنهُ لَيسَ بِثَبْتٍ.

[٨٥] وَحَدَّثنا أَبُو جَعْفَرٍ الدارمِيُّ،

ــ

فسَمعَ إسماعيلُ ابنُ عُلَيَّة المُحَاوَرَةَ التي جَرَتْ بيني وبين الرجل فـ (ـقال إسماعيلُ) للرجل المُحدّث الذي قال اغتبتَه: (ما اغْتَابَهُ) أي: ما اغتاب عَفانُ ذلك الرجلَ الغائبَ الذي حَدثْتَ عنه بقوله: (ليس بثَبْتٍ) أي: ليس عَفانُ مغتابًا له بقوله ذلك، (ولكنه) أي: ولكن عفان (حَكَمَ) على الرجلِ الغائبِ بـ (ـأنَّه) أي: بأن ذلك الغائبَ (ليس بثَبْتٍ) أي: بقَوي مُتْقِنٍ في الحديث (١)، فهذا بيان لحاله لِمَنْ يَغْتَرُّ بحديثه، وزَجْرٌ للناس عن الأَخْذِ عنهِ، وحِفظ للدين عما يُخْتَرَعُ فيه، فكُل هذا واجبٌ على مَنْ قدَرَ عليه، وليس من الغِيبة في شيء.

ثم استشهد المؤلِّفُ أيضًا لِمَا مَر من جَرْع الرواة بأثَرِ الإمام مالك فقال:

[٨٥] (وحَدثنَا أبو جعفرٍ) أحمدُ بن سعيد بن صخر (الدارِمي) نسبة إلى دارم بن مالك بَطْن كبير من تميم، النيسابوري الفقيه الحافظ، أحد الأئمة الأعلام.

روى عن النضْر بن شُمَيل وعبد الصمد بن عبد الوارث وعثمان بن عمر بن فارس وغيرهم، ويروي عنه (خ م دت ق) وابن خزيمة وأبو عوانةَ.

وقال في التقريب: ثقة حافظ من الحادية عشرة مات سنة ثلاث وخمسين ومائتين،


(١) وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى بعد ذِكره قول ابن عُلية: (مِثْل هذا ليس بغيبة، بل لو لم يحسن مقصده وقصد محضَ التنقص والعيب لا بيانَ الحال لأجل الحديث .. لكان غِيبة، وكذلك لو لم يكن المتكلِّمُ من أهل هذا الشأن ولا مِمن يُلتَفَتُ إلى قوله فيه .. لَمَا جازَ له ذِكرُ ذلك ولكان غِيبة، وهذا كالشاهدِ ليس تجريحُهُ غِيبةً، ولو عابه قائل بما جرح به على طريق المُشاتمة والتنقص له .. أُدِّبَ له وكانت غِيبة.
وقد قيل ليحيى بن سعيد: أَمَا تَخشى أن يكون هؤلاء الذين تَرَكتَ حديثَهم خُصماءَك عند الله؟ فقال: لأَنْ يكونوا خُصمائي أَحَب إلي من أن يكون خصمي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: لِمَ حَدثتَ عني حديثًا ترى أنه كَذِب؟ ! ). "إكمال المعلم" (١/ ١٥٩ - ١٦٠).
وكان ابن المبارك رحمه الله تعالى يُنْكِرُ التدليسَ في الحديث، وقال له بعضُ الصوفية وسَمِعَه يَصِفُ بعضَ الرواة: يا أبا عبد الرحمن تغتاب؟ ! قال: اسْكُت، إذا لم نُبيِّنْ فمِن أين يُعرف الحقُّ من الباطل؟ ! "ترتيب المدارك" (١/ ٣٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>