للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِذَا انْتَعَلَ

ــ

وفي لبس نعاله (إذا انتعل) أي أراد الانتعال ووقع في بعض الأصول (في نعله) بالإفراد وفي بعضها (نعليه) بالتثنية كما في الرواية الآتية، وهما صحيحان أي في لبس جنس نعله وفي بعضها (في تنعله) بتاء مثناة فوق ثم نون ثم عين مشددة (إذا تنعل) وكله صحيح ووقع في روايات البخاري (يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله) وذكر الحديث .. الخ وفي قوله ما استطاع إشارة إلى شدة المحافظة على التيمن.

قال النواوي: والتيمن قاعدة مستمرة في الشرع فيما كان من باب التكريم والتشريف كلبس الثوب والسراويل والخف ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظفار وقص الشارب وترجيل الشعر وهو مشطه ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة وغسل أعضاء الطهارة والخروج من الخلاء والأكل والشرب والمصافحة واستلام الركنين وغير ذلك من كل ما كان من التكريم، وأما ما كان بضده كدخول الخلاء والخروج من المسجد والامتخاط والاستنجاء وخلع الثوب والسراويل والخف وما أشبه ذلك فيستحب التياسر فيه.

وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين على اليسار من اليدين والرجلين في الوضوء سنة ولو خالفها فاته الفضل وصح وضوءه، وقالت الشيعة: هو واجب ولا اعتداد بخلاف الشيعة. واعلم أن الابتداء باليسار وإن كان مجزئًا فهو مكروه نص عليه الشافعي وهو ظاهر وقد ثبت في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بأسانيد جيدة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا لبستم أو توضأتم فابدءوا بأيمانكم" وهذا نص في الأمر بتقديم اليمين ومخالفته مكروهة أو محرمة وقد انعقد إجماع العلماء على أنها ليست محرمة فوجب أن تكون مكروهة، ثم اعلم أن من أعضاء الوضوء ما لا يستحب فيه التيامن وهو الأذنان والكفان والخدان بل يُطَهَّرَان دفعة واحدة فإن تعذر ذلك كما في حق الأقطع ونحوه قدم اليمين. اهـ نواوي.

وفي المفهم: قوله (إن كان ليحب التيمن) كان ذلك منه تبركًا باسم اليمين لإضافة الخير إليها كما قال تعالى {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧)} [الواقعة: ٢٧] وقوله {وَنَادَينَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيمَنِ} [مريم: ٥٢] ولما فيه من اليُمن والبركة وهو من باب التفاؤل ونقيضه الشمال ويُؤخذ من هذا الحديث احترام اليمين وإكرامها فلا تُستعمل في إزالة شيء من

<<  <  ج: ص:  >  >>