للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنه سُمِّيَ كتابُ اللهِ قُرْآنًا؛ لِمَا جَمَعَ من المعاني الشريفة، ثم قد يقال مصدرًا بمعنى القراءة كقول حَسَّان في عثمان رضي الله عنهما:

ضَحَّوا بِأشْمَطَ عُنْوَانُ السُّجُودِ لَهُ ... يُقَطِّعُ اللَّيلَ تَسْبِيحًا وقُرآنا

أي: قراءةً.

ومعنى هذا الأَثرِ: الإِخبارُ بأنَّ الشياطينَ المسجونةَ ستخرجُ فتُمَوِّهُ على الجَهَلَةِ بشيءٍ تقرؤُه عليهم، وتُلَبِّسُ به حتى يَحْسَبُوا أنه قرآنٌ، كما فَعَلَ مُسَيلِمَةُ الكَذابُ، أو تَسْرُدُ عليهم أحاديثَ تُسْنِدُها إِلى النبي صلى الله عليه وسلم كاذبةً، وسُمِّيَتْ قُرْآنًا لِمَا جَمَعُوا فيها من الباطل، وعلى هذا: يُسْتَفَادُ من الأثر التحذيرُ من قبول حديثِ مَنْ لا يُعْرَفُ) اهـ (١).

ثم استشهد المؤلفُ رحمه الله تعالى ثالثًا بأثَرِ عبد الله بن عَبَّاس رضي الله تعالى عنهما فقال:


(١) "المفهم" (١/ ١٢٠ - ١٢١)، وقال القاضي عياض: (قد حَفِظَ اللهُ كتابَه وضَمِنَ ذلك فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، وقد ثبت القرآنُ ووَقَعَ عليه الإِجماع، فلا يُزَادُ فيه حرفٌ ولا يُنقص حرف، وقد رام الروافضُ والمُلحدةُ ذلك فما يُمكن لهم، ولا يَصِحُّ أنْ يقبلَ مسلمٌ من أحدٍ قرآنًا يَدَّعيه ممَّا ليس بين الدَّفَّتَين.
فإنْ كان لهذا الخبر أصلٌ صحيحٌ .. فلعلَّه يأتي بقرَآن فلا يُقبل منه كما لم يُقبل ما جاءتْ به القرامطةُ ومُسيلمة وسجاح وطليحة وشبهُهُم، أو يكونُ أرادَ بـ "القرآن" ما يأتي به ويَجْمَعُه من أشياءَ يذكرُها؛ إِذْ أصلُ القرآنِ الجمعُ، سُمّي بذلك لِمَا يجمعُه من القصصِ والأمرِ والنهي والوعدِ والوعيدِ، وكلّ شيءٍ جمعتَه .. فقد قرأتَه) اهـ "إِكمال المعلم" (١/ ١١٩ - ١٢٠).
قلتُ: وقد أورد الخطيبُ البغداديُّ في كتاب "الفقيه والمتفقّه" (٢/ ٣٢٢ - ٣٢٣) (باب القول فيمن تصدَّى لفتاوى العامّة) عدَّةَ أحاديث في ذِكْر ووصف هؤلاء الشياطين الذين يُفقِّهون الناس، منها:
(١٠٣٥) - عن طاوس، عن عبد الله بن عَمْرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَوْشَكَ أنْ يَظْهَرَ فيكم شياطين، كان سليمانُ أَوْثَقَها في البحر، يُصَلُّون في مساجدكم، ويقرؤون معكم القرَآن، وإنهم لشياطين في صورة الإِنس".
(١٠٣٦) عن طاوس، عن عبد الله بن عَمْرو، قال: يُوشِكُ أنْ تَظْهَرَ الشياطينُ ممَّا أَوْثَقَ سليمانُ يُفَقِّهون الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>