المدة التي قدرها الله تعالى ثم يخرجون من النار موتى قد صاروا فحمًا فيحملون ضبائر كما تحمل الأمتعة ويلقون على أنهار الجنة فيصب عليهم ماء الحياة فيحيون وينبتون نبات الحبة في حميل السيل في سرعة نباتها وضعفها فتخرج لضعفها صفراء ملتوية ثم تشتد قوتهم بعد ذلك ويصيرون إلى منازلهم وتكمل أحوالهم فهذا هو الظاهر من لفظ الحديث ومعناه، وحكى القاضي عياض فيه وجهين: أحدهما أنها إماتة حقيقية، والثاني ليس بموت حقيقي ولكن تغيب عنهم إحساسهم بالآلام، قال: ويجوز أن تكون آلامهم أخف فهذا كلام القاضي والمختار ما قدمناه والله أعلم. اهـ نواوي.
وقوله (ضبائر ضبائر) هكذا في الروايات والأصول مكرر مرتين وهو في محل
النصب على الحال مبني على فتح الجزأين أي حالة كونهم جماعات مفرقين، قال الهروي: جمع ضبارة بكسر الضاد مثل عمارة وعمائر وهي الجماعة من الناس يقال رأيتهم ضبائر أي جماعات في تفرقة، وقال غيره: الصواب أضابر جمع إضبارة بكسر الهمزة، وفي الصحاح: الإضبارة بالكسر الإضمامة، يقال جاء فلان بإضبارة من كتب وهي الأضابير، قال: والضَّبَر الجماعة من الناس يغزون، وضبر الفرس إذا جمع قوائمه ووثب وروي ضبارات ضبارات. اهـ من المفهم (فبثوا) بضم الباء الموحدة بعدها مثلثة مشددة مضمومة أي فرقوا ووزعوا (على أنهار الجنة) جمع نهر بسكون الهاء وقد يفتح وهو مجرى الماء الكبير (ثم قيل) لأهل الجنة (يا أهل الجنة أفيضوا عليهم) أي صبوا وكبوا عليهم من هذه الأنهار (فـ) يصبون عليهم و (ينبتون نبات الحبة) التي تنبت و (تكون في حميل السيل) أي في محموله من التراب الناعم والسرجين وغيرهما (فقال رجل من القوم) الحاضرين مجلس الرسول صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان) ساكنًا (بالبادية) فيعرف الحبة النابتة في حميل السيل، والبادية ضد الحاضرة كما مر.
قال القرطبي: وهذا الحديث رد على الخوارج والمعتزلة حيث حكموا بخلود أهل الكبائر في النار وأنهم لا يخرجون منها أبدًا.