سيأتي عن المؤلف في الباب التالي (يقرؤه) أي يقرأ ذلك المكتوب ويعرف قراءته (من كره عمله) وكذّبه (أو) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (يقرؤه كل مؤمن) بالله وكافر به، وزاد أبو أمامة عند ابن ماجه يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وهذا إخبار بالحقيقة لأن الإدراك في البصر يخلقه الله تعالى للعبد كيف شاء ومتى شاء فهذا يراه المؤمن. بعين بصره ولو كان لا يعرف الكتابة ولا يراه الكافر ولو كان يعرف الكتابة اهـ قسطلاني (وقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (تعلموا) أي اعلموا (أنه لن يرى أحد منكم ربه عزَّ وجلَّ حتى يموت) وهذا نص جلي في أن الله تعالى لا يُرى في هذه الدار وهو موافق لقوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣] أي في الدنيا ولقوله تعالى لموسى - عليه السلام - {لَنْ تَرَانِي}[الأعراف: ١٤٣] أي في الدنيا ولقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلا وَحْيًا}[الشورى: ٥١] وحاصل هذا أن الصادق قد أخبر أن الله تعالى لا يراه أحد في الدنيا والدجال يراه الناس فليس بإله اهـ مفهم، وقد زاد النبي - صلى الله عليه وسلم - إيضاحًا لم يذكره أحد غيره من الأنبياء في وصف هذا الخبيث من ثلاثة أوجه: أحدها بقوله: "ولكن أقول لكم فيه قولاٌ لم يقله نبي من الأنبياء لأمته إنه أعور وإن الله ليس بأعور" وهذا تنبيه للعقول القاصرة أو الغافلة على أن من كان ناقصًا في ذاته عاجزًا عن إزالة نقصه لم يصلح لأن يكون إلهًا لعجزه وضعفه ومن كان عاجزًا عن إزالة نقصه كان أعجز عن نفع غيره وعن مضرته، وثانيها قوله: "إنه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب" وهذا أمر مشاهد للحس يشهد بكذبه وكفره. وثالثها قوله: "تعلموا أنه لن يرى أحد منكم ربه حتى يموت" اهـ من المفهم بتصرف، والسر في تخصيصه - صلى الله عليه وسلم - ببيان ذلك لأن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها من الأمم وإنما خص نوحًا بالذكر لأنه مقدم المشاهير من الأنبياء كما خُصّ بالتقديم في قوله تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا}[الشورى: ١٣] اهـ قسطلاني.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري في مواضع منها في كتاب الفتن ذكر الدجال [٧١٢٧]، وأبو داود في الملاحم باب في خبر ابن صائد [٤٣٢٩]، والترمذي في الفتن باب ما جاء في علامة الدجال [٢٢٣٥]، وأحمد [٢/ ١٤٨].
ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - فقال: