للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال القاضي عياض: قوله (بين الرجل والكفر ترك الصلاة) أي بين المسلم وبين أن يتسم بسمة الكفر ترك الصلاة وقد يكون معنى الحديث أن بالصلاة يتميز المسلم من الكافر فإذا تركها دخل في أهل الكفر اهـ، قال الأبي: معنى الأول ترك الصلاة صفة أهل الكفر فإذا تركها اتصف بصفتهم ولا فرق بين الوجهين في المعنى لأن كلًّا منهما يرجع إلى كون الترك سببًا في الكفر، ويتضح ذلك بأن تعرف أن الكائن بين أمرين في هذا التركيب تارة يكون سببًا في حصول ما بعده لما قبله نحو بيني وبين رؤية الهلال أن انظر إليه وتارة يكون مانعًا من حصوله له نحو بيني وبين رؤيته هذا الجبل والحديث من القسم الأول ويشكل جعله من الثاني لأن الأصل في المانع أنه إذا أزيل حصل الممنوع وترك الصلاة إنما يزول بفعلها، وفعلها لا يكون موجبًا للكفر، وجعله النواوي من الثاني، وأخذ يتكلف بالجواب عنه، فقال: يتخرج على حذف فقال: والتقدير بين الرجل وبين الكفر عدم ترك الصلاة، وعدم تركها إنما يرتفع بالترك، وترك الصلاة كفر، وأنت تعرف أن ما ذكرناه أبين وأقرب اهـ أبي.

فصل

قال النواوي: وأما تارك الصلاة فإن كان منكرًا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج عن ملة الإسلام، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه، وإن كان تركه تكاسلًا مع اعتقاد وجوبها، كما هو حال كثير من الناس، فقد اختلف العلماء فيه، فذهب مالك والشافعي رحمهما الله تعالى والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر، بل يفسق، ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدًّا كالزاني المحصن لكنه يقتل بالسيف، وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر، وهو مروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي رحمهم الله تعالى، وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهم الله جميعًا أنه لا يكفر، ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يُصلي، واحتج من قال بكفره بظاهر هذا الحديث وبالقياس على كلمة التوحيد، واحتج من قال لا يقتل بحديث "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث"

<<  <  ج: ص:  >  >>