التداوي من مرضه (فقال) خباب لمن عنده (لوما) هو بمعنى لولا الامتناعية فهي موضوعة للدلالة على امتناع الشيء لوجود غيره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به) أي بالموت على نفسي لكثرة الفتن وتدارك المحن، وجملة أن المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الابتداء والخبر محذوف وجوبًا لقيام جواب لوما مقامه واللام في قوله لدعوت رابطة لجواب لوما والتقدير لولا نهي رسول الله إيانا عن الدعاء بالموت موجود لدعوت على نفسي بالموت.
قوله:(قد اكتوى في بطنه سبع كيات) وذاك لمرض أصابه، وقد مر الكلام على المكي في كتاب الطب قوله:(لدعوت به) أي بالموت على نفسي، وفي رواية حارثة بن مضرب عند الترمذي قال: دخلت على خباب وقد اكتوى في بطنه فقال: ما أعلم أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي من البلاء ما لقيت، لقد كنت وما أجد درهمًا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي ناحية من بيتي الآن أربعون ألفًا ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أو نهى أن نتمنى الموت لتمنيت. ويبدو من ظاهر هذه الألفاظ أن خبابًا رضي الله عنه همَّ بتمني الموت من شدة البلايا التي أصابته والأمر ليس كذلك وإنما هَمَّ بذلك لأنه قد فاض عليه المال في آخر حياته فخشي أن يكون ذلك ثوابًا معجلًا له في الدنيا على ما تحمله من الشدائد فينتقص أجره بذلك في الآخرة ويتضح ذلك بما أخرجه البخاري في المَرْضَى عن قيس بن أبي حازم قال: دخلنا على خباب نعوده وقد اكتوى سبع كيات فقال: إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا وإنا أصبنا ما لا نجد له موضعًا إلَّا التراب يعني به بناء المساكن ولولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به. وإلى ذلك وقع الإشارة في قوله في رواية الترمذي: وفي ناحية بيتي أربعون ألفًا. ويؤيده حديثه الآخر: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى ولم يأكل من أجره شيئًا منهم مصعب بن عمير أخرجه البخاري في الجنائز والمغازي.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث خباب رضي الله عنه فقال: