عندهم من صِحَّةِ وقُوَّةِ (حِفْظِ منصورٍ والأعمشِ وإسماعيلَ و) من صِحَّةِ (إتْقَانِهم) أي: إِتقانِ هؤلاء الثلاثة (لـ) نَقْلِ (حديثِهم) الذي رَوَوْه.
والواوُ في قوله:(وأَنَّهُمْ) حاليةٌ؛ أي: والحالُ أَنَّ أهلَ العلمِ بالحديث (لم يَعْرِفُوا) ولم يَعْلَمُوا (مِثْلَ ذلك) أي: مِثْلَ ما استفاض عندَهم في منصورٍ وصَاحِبَيه من صِحَّةِ حفظِهم وإِتقانِهم.
والجارُّ والمجرورُ في قوله:(من عَطَاءٍ ويزيدَ ولَيثٍ) متعلِّقٌ بمحذوف حالٍ من مفعول عرف، أو مفعولٌ ثانٍ له إِن كان بمعنى علم؛ أي: لم يعرفوا مِثْلَ ذلك حال كونه واقعًا من عطاء وصاحبيه وثابتًا لهم فضلًا عن الاستفاضة، والمعنى: لم يعرفوا وقوعَ مِثْلِ ذلك الحفظ والإِتقان من عطاءٍ وصاحبَيهِ فَضْلًا عن استفاضتهِ فيهم.
وقولُه:(وفي مِثْلِ مَجْرَى هؤلاءِ) كلامٌ مستأنفٌ مفيدٌ لعموم الموازنة بين الأقران متعلِّقٌ بمحذوفٍ تقديرهُ: (و) تجري الموازنةُ والمقابلَةُ بين الأقران (في) غير هؤلاء المذكورين آنفًا (مِثْلَ مَجْرَى هؤلاءِ) أي: مِثْلَ جَرَيانِها في هؤلاء الستة المذكورين آنفًا في التبايُنِ والتباعُدِ بينهم (إذا وَازَنْتَ) وقَابَلْتَ (بينَ الأقرانِ) والأشباه غير هؤلاء الستة المذكورين.
والمَجْرَى: مصدرٌ ميميٌّ بمعنى الجري، يُقال: جَرَى الماءُ وغيرُه من باب رَمَى، وجريانًا أيضًا، وما أَشَدَّ جِرْية هذا الماء بالكسر والسكون، وقوله تعالى:{بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} هما مصدران من أجريت السفينة وأرسيت، ومَجْراها ومرساها بالفتح من جرت السفينة ورست، والمَجْرَى: المَمَرُّ والطريق.
وتلك الأقران (كابنِ عَوْنٍ) وهو عبد الله بن عَوْن بن أَرْطَبَان -بفتح فسكون ففتح- المزني مولاهم، أبو عون البصري أحدُ الأئمَّة الأعلام.
روى عن عطاءٍ ومجاهدٍ وسالم والحَسَن والشَّعبي وخَلْق، ويروي عنه (ع) وشعبةُ والثَّوْرِيُّ وابنُ عُلَيَّةَ ويحيى القطان وخلائقُ.