للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

امْرأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَلَقَدْ هَلَكَت قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلاثِ سِنِينَ، لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذكُرُهَا وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيتِ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنَّةِ، وإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلائِلهَا

ــ

امرأة) من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (ما غرت) وما مصدرية، أو موصولة؛ أي ما غرت على امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم غيرة مثل غيرتي (على خديجة) أو غيرة مثل الغيرة التي غرتها على خديجة فإن غيرتي على خديجة أشد وأزيد من غيرتي على غيرها منهن (و) الحال أنها (لقد هلكت) فاللام زائدة، والجملة حالية أي والحال أن خديجة قد هلكت وماتت (قبل أن يتزوجني) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بـ) مقدار مدة (ثلاث سنين) أشارت بهذه الجملة إلى أنها لو كانت موجودة في زمانها لكانت غيرتها منها أشد قاله الحافظ في الفتح وإنما كانت غيرتي عليها أشد (لما كنت أسمعه) صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يذكرها) ويثني عليها لمحبته إياها، واللام في لما تعليلة، وما مصدرية أي وإنما كانت أشد لسماعي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها كثيرًا وثنائه عليها، وفيه إثبات الغيرة الطبيعية وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء عمن دونهن ما لم يحدث بسببها محرم شرعًا من الحسد وغيره اهـ من القسطلاني.

وقوله: (لما كنت أسمعه يذكرها) أي يمدحها ويثني عليها ويذكر فضائلها وذلك لفرط محبته إياها، ولما اتصل له من الخير بسببها وفي بيتها، ومن أحب شيئًا أكثر من ذكره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني رزقت حبها" وكونه صلى الله عليه وسلم يهدي لخلائل خديجة دليل على كرم خلقه وحسن عهده، ولذلك كان يرتاح لهالة بنت خويلد إذا رآها وينهض أي يهش إكرامًا لها وسرورًا بها اهـ من المفهم.

(ولقد أمره) صلى الله عليه وسلم (ربه عزَّ وجلَّ أن يبشرها ببيت من قصب في الجنة وإن كان) وإن مخففة من الثقيلة أي وإنه كان صلى الله عليه وسلم (ليذبح الشاة) أي شاة الأكل لأهله (ثم يهديها) أي يهدي بعض لحم تلك الشاة (إلى خلائلها) أي إلى خلائل خديجة وأصدقائها، والخلائل جمع خليلة بمعنى صديقة، وفيه أن من حقوق الميت الإحسان إلى أصدقائه، وفي رواية للبخاري: "وربما ذبح الشاة ثم بقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة".

<<  <  ج: ص:  >  >>