من كل وجه إذ المعنى الذي حرم لأجله قليل عصير العنب إذا أسكر كثيره -وهو سد الذريعة إلى الكثير- موجود في غيره وإن لم يكن بدلالة النص فبالقياس، فإنه إن لم يكن هذا قياسًا صحيحًا فليس في الدنيا قياس صحيح وكيف يقاس الجص على الحنطة في تحريم الربا بجامع الكيل والجنس ولا يقاس بقية الأنواع المسكرة على الخمر التي هي من عصير العنب بعلة الإسكار التي قد نبهنا الله عليها بقوله:{إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة} وهذا المعنى موجود في كل مسكر إن لم يكن داخلاً في اسم الخمر كما ذكرتم، كيف وقد ثبت بما تقدم أن اسم الخمر شامل لكل مسكر.
الثاني: قوله: ولهذا اشتهر استعماله فيه، وفي غيره غيره.
وجوابه: أن غلبة الاستعمال لا تدل على الاختصاص كما أن غلبة استعمال ذوي الأرحام على من لا فرض له ولا تعصيب لا يمنع من أنه يعم جميع الأقارب، وغلبة استعمال السعي على العدو لا يمنع من أنه يشمل كل شيء، وغلبة استعمال الجائز على المباح لا يمنع شموله الواجب والمستحب وشواهد ذلك من الكتاب والسنة والكلام الفصيح كثيرة.
الثالث: قوله: ولأن حزمة الخمر قطيعة وهي في غيرها ظنية.