كل ما تقدمه هو من فضله ومن عطاياه. فهو فضل يمنحها إياه، وعطاء يختارها له، ويوفقها لنيله. وهو اختيار واصطفاء وتكريم يستحق الشكر لله. لا المن والاستكثار).
٣ - بمناسبة قوله تعالى: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ قال ابن كثير: (وروى ابن أبي حاتم عن ابن عباس فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ؟» فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فما تأمرنا يا رسول الله، قال:«قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا» وهكذا رواه الإمام أحمد عن أسباط به.
٤ - بمناسبة قوله تعالى حكاية عن قول الوليد بن المغيرة عن القرآن: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ قال ابن كثير: (وهذا المذكور في هذا السياق هو الوليد بن المغيرة المخزومي أحد رؤساء قريش- لعنه الله- وكان من خبره في هذا ما رواه العوفي عن ابن عباس قال: دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر بن أبي قحافة، فسأله عن القرآن، فلما أخبره خرج على قريش فقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة، فو الله ما هو بشعر ولا بسحر ولا من الجنون، وإن قوله لمن كلام الله، فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد لتصبأ قريش، فلما سمع بذلك أبو جهل ابن هشام قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته فقال للوليد: ألم تر إلى قومك قد جمعوا لك الصدقة؟ فقال: ألست أكثرهم مالا وولدا؟ فقال له أبو جهل: يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه، فقال الوليد: أقد تحدث به عشيرتي! فلا والله لا أقرب ابن أبي قحافة ولا عمر ولا ابن أبي كبشة، وما قوله إلا سحر يؤثر، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً إلى قوله: لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ وقال قتادة: زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال الرجل فإذا هو ليس بشعر وإن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يعلى عليه، وما
أشك أنه سحر، فأنزل الله: فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ الآية، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ قبض ما بين عينيه وكلح، وروى ابن جرير عن عكرمة أن الوليد ابن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له، فبلغ ذلك أبا جهل ابن هشام، فأتاه فقال: أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا. قال: لم؟، قال: يعطونكه؛ فإنك أتيت محمدا تعرض لما قبله، قال: قد علمت قريش أني أكثرها مالا، قال: فقل فيه قولا يعلم قومك أنك منكر لما قال وأنك كاره له، قال: فماذا