للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وقد روى الإمام أحمد حديثا يحسن أن نذكره ههنا فروى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدرون على شئ، فجاء الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسبغة شديدة، فقال لامرأته: عندك شئ؟ قالت:

نعم أبشر أتانا رزق الله، فاستحثها فقال: ويحك ابتغي إن كان عندك شئ، قالت:

نعم، هنيهة، ترجو رحمة الله، حتى إذا طال عليه الطول، قال: ويحك قومي فابتغي إن كان عندك شئ فائتني به؛ فإني قد بلغت وجهدت، فقالت: نعم، الآن نفتح التنور فلا تعجل، فلما أن سكت عنها ساعة، وتحينت أن يقول لها قالت: من عند نفسها لو قمت فنظرت إلى تنوري، فقامت فنظرت إلى تنورها ملآن من جنوب الغنم، ورحييها تطحنان، فقامت إلى الرحى فنفضتها، واستخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم، قال أبو هريرة: فو الذي نفس أبي القاسم بيده هو قول محمد صلى الله عليه وسلم:

«لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتا إلى يوم القيامة».

وروى في موضع آخر ... عن أبي هريرة قال: دخل رجل على أهله فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية، فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها، وإلى التنور فسجرته، ثم قالت: اللهم ارزقنا، فنظرت، فإذا الجفنة قد امتلأت، قال:

وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا، قال فرجع الزوج فقال: أصبتم بعدي شيئا؟ قالت امرأته: نعم من ربنا، فأم إلى الرحى فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما إنه لو لم ترفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة»).

٨ - بمناسبة قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَ قال صاحب الظلال: (وبين هذه السماوات السبع والأرض أو الأرضين السبع يتنزل أمر الله- ومنه هذا الأمر الذي هم بصدده في هذا السياق.

فهو أمر هائل إذن، حتى بمقاييس البشر وتصوراتهم في المكان والزمان بقدر ما يطيقون التصور. والمخالفة عنه مخالفة عن أمر تتجاوب به أقطار السماوات والأرضين، ويتسامع به الملأ الأعلى وخلق الله الآخرون في السماوات والأرضين. فهي مخالفة بلقاء شنعاء، لا يقدم عليها ذو عقل مؤمن، جاءه رسول يتلو عليه آيات الله مبينات، ويبين له هذا الأمر، ليخرجه من الظلمات إلى النور).

***

<<  <  ج: ص:  >  >>