للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والديدان، التي غالبا ما تكون تحت سطح الأرض. ويقول العلم: إنه يمكن للإنسان أن يعرف غذاء أي طير من النظرة العابرة إلى منقاره».

«وأما باقي الجهاز الهضمي للطير فهو غريب عجيب. فلما لم يعط أسنانا فقد خلقت له حويصلة وقانصة تهضم الطعام. ويلتقط الطير مواد صلبة وحصي لتساعد القانصة على هضم الطعام» (١).

ويطول بنا الاستعراض، ونخرج على منهج هذه الظلال، لو رحنا نتتبع الأنواع والأجناس الحية على هذا النحو، فنسرع الخطى إلى «الأميبا» وهي ذات الخلية الواحدة، لنرى يد الله معها. وعينه عليها. وهو يقدر لها أمرها تقديرا.

«والأميبا كائن حي دقيق الحجم، يعيش في البرك والمستنقعات، أو على الأحجار الراسبة في القاع. ولا يرى بالعين إطلاقا وهو يرى بالمجاهر، كتلة هلامية، يتغير شكلها بتغير الظروف والحاجات. فعند ما تتحرك تدفع بأجزاء من جسمها تكون به زوائد، تستعملها كالأقدام للسير بها إلى المكان المرغوب. ولذا تسمى هذه الزوائد بالأقدام الكاذبة. وإذا وجدت غذاء لها أمسكت به بزائدة أو زائدتين، وتفرز عليه عصارة هاضمة، فتتغذى بالمفيد منها، أما الباقي فتطرده من جسمها! وهي تتنفس من

كل جسمها بأخذ الأكسوجين من الماء ... فتصور هذا الكائن الذي لا يرى إطلاقا بالعين، يعيش ويتحرك، ويتغذى ويتنفس، ويخرج فضلاته! فإذا ما تم نموه انقسم إلى قسمين، ليكون كل قسم حيوانا جديدا».

«وعجائب الحياة في النبات لا تقل في إثارة العجب والدهشة عن عجائبها في الإنسان والحيوان والطير. والتقدير فيها لا يقل ظهورا وبروزا عنه في تلك الأحياء.

وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً (٢).

على أن الأمر أعظم من هذا كله وأشمل في التقدير والتدبير. إن حركة هذا الكون كله بأحداثها ووقائعها وتياراتها مقدرة مدبرة صغيرها وكبيرها. كل حركة في التاريخ ككل انفعال في نفس فرد، ككل نفس يخرج من صدر! إن هذا النفس مقدر في وقته، مقدر في مكانه، مقدر في ظروفه كلها، مرتبط بنظام الوجود وحركة الكون،


(١) من كتاب الله والعلم الحديث للأستاذ عبد الرزاق نوفل: ص ٧٣ - ٧٤.
(٢) المصدر السابق: ص ١٠١ - ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>