تفصيل معان في إطار الآيات الأربعة الأولى من سورة البقرة، وانصبّ الكلام انصبابا رئيسيا في سورة (ص) عن الآيتين اللاحقتين.
...
وقد رأينا من خلال عرضنا لسورة (ص) كيف يظهر التكامل بينها وبين سورة الصافات، على اعتبار أنهما تشكلان مجموعة واحدة، فكما أن التكامل قائم بين محوريهما فكذلك نرى التكامل على امتداد السورتين. فمقدمة سورة الصافات تقرر إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ ومقدمة سورة (ص) يرد فيها قوله تعالى على لسان الكافرين: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ.
وسورة (ص) تتحدّث عن اختصام الكافرين مع بعضهم في النار، وسورة الصافات تستثني عباد الله المخلصين مرات. وسورة (ص) تذكر الطريق إلى هذا الاستخلاص، وتستثنيهم من الوقوع في غواية الشيطان. وسورة الصافات تذكر المرسلين وإنذارهم ودعوتهم، وسورة (ص) تتحدّث كذلك عن الرسل. وهكذا نجد السورتين تتداخلان، وتتكاملان لتؤديا دورا واحدا في بناء قضية الإيمان والسلوك الإيماني، وفضح الكفر والسلوك الكافر.
...
نلاحظ في سورة الصافات أنها لم تتحدّث عن داود وسليمان وأيوب عليهم السلام، بينما تحدّثت عنهم سورة (ص). وتحدّثت سورة الصافات عن نوح وإلياس وموسى وهارون ولوط ويونس عليهم الصلاة والسلام ولم تتحدّث عنهم سورة (ص).
وتحدثت سورة الصافات عن إلياس عليه السلام. وتحدّثت سورة (ص) عن خليفته اليسع عليه السلام. وتحدّثت سورة الصافات بشيء من الإسهاب عن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم الصلاة والسلام بينما ذكرتهم ذكرا فقط سورة (ص). وكل ذلك من مظاهر التكامل بين السورتين.
...
ويلاحظ أن سورة (ص) تحدّثت عن خاصية من خواص القرآن وهو أنه (ذو الذكر) ونحب أن نذكر هنا أن هذه الخاصية التي تحدّثت عنها سورة (ص) خاصية فريدة وعجيبة ومعجزة. وهي وحدها تدل على أن هذا القرآن من عند الله.