للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ابن عبد الله بن مسعودٍ، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "لُعِنَ آكلُ الرِّبَا، وَمُو كِلُهُ، وَشَاهِدَاهُ وَكَاتِبُهُ"، وقال: "مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَى، وَالرِّبَا، إلا أَحَلَّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ الله".


= قلتُ: قد أعله بعضهم بعلتين:
الأولى: الانقطاع، لكون عبد الرحمن بن مسعود لم يسمع من أبيه كما جزم به جماعة.
والثانية: سماك بن حرب قد تغير بآخرة حتى صار يتلقن.
قلتُ: هاتان علتان مدفوعتان البتة،:
أما الأولى: فيجاب عنها بكون البخارى وجماعة قد أثبتوا سماع عبد الرحمن من أبيه؛ وهذا مقدم على من نفاه.
وأما الثانية: فيجاب عنها: بكون شعبة قد روى هذا الحديث عن سماك عند ابن ماجه وجماعة؛ وهو ممن سمع من سماك قديمًا كما نص عليه يعقوب بن شيبة الحافظ، وقبله أشار إليه ابن المدينى.
وللحديث بشطره الأول: طرق أخرى عن ابن مسعود به ... يأتى بعضها [برقم ٥١٤٦، ٥٢٤١، ٥٣٥٠]، أما شطره الثاني: (ما ظهر في قوم الزنى والربا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله) فقد انفرد به شريك القاضى عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن عن أبيه به ... وشريك ضعيف الحفظ، وقد سمع من سماك بأخرة أيضًا.
فهاتان علتان لا يخلص منهما هذا الطريق أبدًا، فمن أين أتته تلك الجودة التى زعمها له المنذرى في "الترغيب" [٣/ ٦]؟! حيث قال: "رواه أبو يعلى بإسناد جيد" وتابعه على ذلك الهيثمى في "المجمع" [٤/ ٢١٣]، وحسنَّه ابن حجر المكى في "الزواجر" [٣/ ٦٩]، وكل ذلك غفلة من العلتين السابقتين آنفًا، وقد خولف شريك في سنده أيضًا، خالفه عمرو بن أبى قيس الرازى، فرواه عن سماك فقال: عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: (إذا ظهر الزنى والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم عذاب الله) وفى أوله زيادة، هكذا أخرجه الحاكم [٢/ ٤٣]، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
قلتُ: بل ما كان لهما أن يخرجاه من هذا الطريق المنكر أصلًا، وعمرو بن أبى قيس مختلَفٌ فيه، وهو أمثل من شريك في حفظه؛ إلا أن رواية شريك أقرب إلى الصواب من رواية عمرو،=

<<  <  ج: ص:  >  >>