والرجل مع كل هذا، فقد خولف في وصله أيضًا؛ خالفه هشام بن عروة الحافظ الحجة، فرواه عن أبيه مرسلًا: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الاستطابة، فقال: أو لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار؟!) هكذا أخرجه مالك [٥٧]، ومن طريقه البيهقى في "المعرفة" [رقم ٢٣٤]. وتوبع عليه مالك: تابعه يحيى القطان عن هشام بن عروة قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أحجار تغنى، أما يجد أحدكم ثلاثة أحجار؟!) أخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب" [رقم ٥٠]، وهكذا رواه ابن عيينة وابن جريج وغيرهما؛ وهذا هو المحفوظ عن عروة بلا تردد، لكن قد اختلف في سنده على هشام بن عروة على ألوان، وقد بسطنا الكلام عليها في "غرس الأشجار". • فالصواب في الحديث هنا: هو الإرسال، لكن في الباب عن جماعة من الصحابة نحو لفظ الحديث هنا؛ منها حديث أبى أيوب الأنصارى مرفوعًا: (إذا تغوط أحدكم فليتمسح بثلاثة أحجار؛ فإن ذلك كافيه) أخرجه الطبراني في "الأوسط" [٣/ رقم ٣١٤٦]، وفى "الكبير" [٤/ رقم ٤٠٥٥]، وابن عبد البر في "التمهيد" [٢٢/ ٣١١ - ٣١٢]، وابن عساكر في "تاريخه" [٦٦/ ٢٨٥، ٢٨٦، ٢٨٧]، من طريقين عن الأوزاعى عن عثمان بن أبى سودة عن أبى شعيب الحضرمى عن أبى أيوب به ... قلتُ: وإسناد ابن عساكر في الموضع الثاني إلى الأوزاعى صحيح، وليس في الإسناد ما يَعَلُّ به سوى أبى شعيب هذا، فقد إنفرد ابن حبان بذكره في "الثقات" [٥/ ٥٧٢]، ولم يضعفه أحد؛ فحديثه صالح في المتابعات والشواهد، وفى الباب عن جابر بن عبد الله، والسائب بن خلاد وأبى هريرة وسلمان الفارسى وغيرهم؛ وأحاديثهم مخرجة في "غرس الأشجار". والحديث هنا: حسن بشواهده إن شاء الله. وقد مضى أن النووى قد حسَّنه، ومثله صاحب "البدر المنير". واللَّه المستعان.