قلتُ: وسنده كالشمس، لا شك فيه ولا لبْس، وقد رواه الدارمى [٢٠٢٥]، من طريق إسحاق بن عيسى بن الطباع عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعًا بلفظ: (إذا أكل أحدكم فليلعق أصابعه الثلاث) فقط، هكذا جعل تلك الجملة مرفوعة، وهذا وهم من إسحاق في نقدى، والمحفوظ أن تلك الجملة هي من قول أنس بن مالك وصفًا، كما مضى عند المؤلف وجميع من أخرجه؛ فهكذا رواه الجماعة عن حماد بن سلمة. وقد وقعت تلك الجملة وحدها على الصواب من قول أنس عند ابن حبان [٥٢٥٢]، وابن الجعد [٣٣٥٢]، وعبد الأعلى بن مسهر في "نسخته" [رقم ٢٩]، وأبى عوانة [رقم ٦٧٠٤]، و [رقم ٦٧٠٥]، والرويانى في "مسنده" [رقم ١٣٦٧]، فهذا هو المحفوظ عن حماد؛ لكنه خولف في سنده، خالفه سليمان بن المغيرة - وهو ثقة ثبت - فرواه عن ثابت البنانى فقال: عن أبى موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفقرة الثانية منه فقط، فنقله إلى (مسند أبى موسى) هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل" [رقم ١٥١٠]، ثم قال: "ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " ثم نقل عن أبى زرعة أنه قال: "حماد أحفظ". يعنى رواية حماد هي الأشبه بالصواب لكونه أحفظ من سليمان بن المغيرة في ثابت البنانى، وهذا أمر لا جدال فيه أصلًا، بل حكى الإمام مسلم في كتابه "التمييز" إجماع أهل الحديث وعلمائهم على أن أثبت الناس في ثابت البنانى: هو حماد بن سلمة؛ وسليمان بن المغيرة وإن كان إمامًا حافظًا سيدًا نبيلًا جليل القدر ثقة ثبتًا مأمونًا؛ إلا أنه دون حماد بن سلمة في ثابت؛ وقد كان ابن معين يقول: "من خالف حماد بن سلمة في ثابت، فالقول قول حماد" فقيل لابن معين: "فسليمان بن المغيرة عن ثابت؟! " فقال: "سليمان ثبتٌ؛ وحماد أعلم الناس بثابت" كذا في "تاريخ ابن معين" [٤/ ٢٦٥/ رواية الدورى]، فالله المستعان.