أصحهما- وهو قول الثوري، وأبي حنيفة-: لا يجب؛ لأنه غسل تلك الأعضاء مرة؛ كما لو غسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، ثم نزع الخف قبل المسح- لا يجب عليه إلا غسل الرجلين.
وقال في القديم- وهو قول الأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأحمد-: يجب استئناف الوضوء؛ لأن الوضوء قد انتقض في الرجل؛ فينتقض في سائر الأعضاء، وليس أصل القولين تفريق الوضوء؛ لأن التفريق بالعذر جائز، والعذر هاهنا موجود؛ لأن التفريق اليسير جائز. وهاهنا لو نزع الخف عقيب المسح في الحال قبل جفاف الأعضاء- ففي وجوب استئناف الوضوء قولان، بل أصلهما: أن المسح على الخف هل يرفع الحدث عن الرجل؟ فيه جوابان مستنبطان من هذين القولين:
أحدهما: لا يرفع؛ لأنه مسحٌ بدل الغسل كالتيمم.
والثاني: يرفع؛ لأنه مسح بالماء؛ كمسح الرأس في الوضوء.
فإن قلنا: لا يرفع الحدث عن الرجل، فلا يجب استئناف الوضوء؛ لأن الحدث قد ارتفع عن سائر الأعضاء، إلا عن الرجل؛ فلا يجب إلا غسل الرجل.
وإن قلنا: يرفع الحدث عن الرجل؛ فيجب استئناف الوضوء؛ لأن نزع الخف بمنزلة حدثٍ جديد؛ حتى أوجب غسل الرجلين، والحدث يتجرأ؛ فيجب غسل سائر الأعضاء.
فصلٌ في الخف الذي يجوز المسح عليه
روي عن المغيرة بن شعبة؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- توضأ ومسح على خفيه.