فجاء زوجها المشرك، أو رجل من عشيرتها في طلبها -: لا يجوز ردها بحال؛ لأن رهطها وعشيرتها لا يمنعونها عن الزوج، وهي لا تحل له، وهل يجب دفع مهرها؟ نظر:
إن جاء في طلبها غير زوجها-: لا يجب.
وإن جاء زوجها- نظر:
إن لم يكن إليها المهر-: لا يجب، لأن الله تعالى قال:{وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا}[الممتحنة: ١٠]؛ وهو لم ينفق شيئاً.
وإن كان دفع إليها المهر-: هل يجب أن ترد إليه؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب؛ لقوله تعالى:{وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا}[الممتحنة: ١٠]، ولأن البُضع مقوم، حيل بنيه وبين مالكه؛ فوجب رد بدله، كما لو أخذ مالاً، وتعزر رده-: تجب عليه قيمته.
والقول الثاني- وهو الأصح، واختيار المزني-: لا يجب؛ لأنا عاقدناهم على رد العين، والعين قائمة، فإذا لم يجب رد العين؛ فلا يجب رد غيرها؛ ولأنه لو ضمن البضع بالحيلولة-: لضمن بمهر المثل؛ كما يضمن المال بقيمة المثل، فلما لم يضمن بمهر المثل-: لا يضمن بالمسمى.
ولا خلاف أنه لا يجب رد ما أطعمها وكساها، والقولان ينبنيان على أن صلح الحديبية-: هل تناول النساء أم لا؟:
إن قلنا: تناول رد النساء، ثم نسخ-: فاليوم لا يجب المهر؛ لأن الشرط فاسدٌ، والنبي - صلى الله عليه وسلم- إنما رد المهر؛ لأن شرطه كان صحيحاً.
وإن قلنا: الشرط لم يتناول النساء -: فيجب المهر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - غرم مهر من جاءت مسلمة مع عدم الشرط.
فإن لم نوجب رد المهر-: فلا تفريع عليه، وإن أوجبنا رد المهر-: فالتفريع عليه: أنه يجب من خمس الخمس سهم المصالح، وإنما يجب رد ما أعطى، حتى لو كان مهرها ألفين، ولم يعط الزوج إلا ألفاً لا يجب إلا رد الألف [دون الألفين]، وإن كان مهرها ألفاً، وهو دفع ألفين-: لا يجب إلا رد الألف؛ لأن الزيادة لم تكن مهراً.
وإن خالفته فيما قبضت-: فالقول قولها، وإن كانت أبرأته عن الصداق، أو وهبته الصداق-: لا يجب رد شيء، وإن كان تزوجها على خمر أو خنزير، ودفعه إليها-: لا يجب رد شيء؛ لأنه لم ينفق مالاً.