وفيه قول آخر: أن الأكساب النادرة لا تدخل في المهايأة؛ مثل: اللقطة؛ والركاز، والوصية، والهبة؛ ففي أي يوم كان: يكون بينهما؛ كما لو لم يكن بينهما مهايأة؛ لأن المهايأة إنما تكون فيما يوجد في كل يوم، أما ما لا يوجد إلا نادراً في بعض الأيام: فلا يمكن مراعاة التسوية- بينهما؛ فلا تقع المهايأة عليها.
وأما الفاسق: فيكره له الالتقاط؛ لأنه ربما تدعوه نفسه إلى كتمانها، وإذا التقط: هل يقر في يده؟ فيه قولان:
أصحهما: لا يقر في يده، بل ينتزع [من يده]، ويوضع عند عدل؛ لأن اللقطة في مدة التعريف أمانة، والملتقط في حفظها كالولي في حق الصغير، والفاسق ليس من أهل الأمانة ولا الولاية.
والثاني: يقر في يده؛ لأن الالتقاط بمنزلة الاكتساب للتملك؛ كالاحتطاب، والاصطياد، والفاسق من أهله؛ ولكن يضم إليه عدل يشرف عليه.
وعلى القولين جميعاً: هل يعتمد في التعريف عليه؟ فيه قولان:
أحدهما: يعتمد عليه؛ لأنه ليس بمال يفتقر إلى الأمانة.
والثاني: لا، بل يضم إليه أمين يعرفان جميعاً، لأنه [لا يؤمن خيانة الفاسق في التعريف؛ فإذا مضت مدة التعريف: يتملكها الملتقط على القولني جميعاً.
أما الذمي: إذا التقط في دار الإسلام: ففيه وجهان:
أصحهما: أن له الالتقاط؛ لأنه اكتساب، كالاحتطاب والاصطياد، ثم هو كالتقاط الفاسق.
والثاني: ليس له الالتقاط؛ لأن فيه معنى الولاية، ولا ولاية للذمي على المسلم؛ فيأخذه الإمام ويحفظه إلى أن يظهر مالكه.
وأما المرتد إن قلنا: ملكه زائل: ينتزع من يده؛ كما لو احتطب: [ينتزع من يده].
وإن قلنا: ملكه غير زائل: فكالفاسق يلتقط.
فصل في رد الآبق وحكم الجعالة
قال الله تعالى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] وشرع من قبلنا: