وأما المروي عن أنس فهو من القراءات الشواذ، وقد كانوا يقرؤون الشواذ على أنه من المنزل، ولكن انقطع النقل الآن، واتفق الأمة على مصحف الإمام وهو مصحف عثمان رضي الله عنه وترك ما سواه فلم يجز قراءة غيره لأجل الإجماع.
وأما الذي قالوا:((إن العبرة بالمعنى)).
قلنا: قد بينا أن القرآن بنظمه ومعناه جميعاً فلا يجوز الإخلال بواحد منهما.
وقولهم ((إن الإعجاز في اختصار المعنى)).
قلنا: الاختصار وغير الاختصار قد وجد في القرآن، وليس ذلك من الإعجاز وإنما الإعجاز في نظمه على ما سبق.
وأما الإخبار عن الغيوب فإن ذلك في بعض السور وما من سورة من القرآن إلا وهي معجزة، فلم يكن الإعجاز على العموم إلا في النظم.
فإن قالوا:(إن القراءة في الصلاة للثناء على الله تعالى ليس للمحاجة مع الكفار والثناء يتأدى بالمعنى)).
(قلنا: القراءة في الصلاة ليست للثناء على الله تعالى، فإنه يقرأ بما ليس فيه ثناء، وإنما الثناء سنة في الصلوات كلها، ولكن القراءة ركن. فدل أنه إنما يقرأ القرآن ليكون محفوظاً، كما أنزل حجة على النبوة، والأحكام جميعاً على ما سبق، ولأنه لو نظم معناه شعراً ثم قرأ به فسدت صلاته. لأنه نظمه من كلام الناس لا من كلام الله وهذا فصل معتمد. والله أعلم.