أنْ الخفيفة نِصْفُ اسم وتمامه يَفْعَلُ كقولك: أحبُّ أن ألقاك فصار أنْ وألقاك في المنزل اسماً واحداً. وكل ما في كتاب الله عز وجل من ذكر أن لن فإنَّه حرفان إلا في موضعين في الكهف:{أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً}، وفي سورة القيامة:{أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} فهذان الموضعان في المصحف بلا نونٍ. وتقولُ: أن سيقوم زيد فترفع يقومُ لا غير لدخول السين عليه. قال الله- عز وجل-: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى} فإذا لم تفرق بين أن والفعل بشيء نصبتَ ولم ترفع كقولك: ظننتُ أن يقوم زيدٌ، وحسبتُ أن يقعُدَ عمرو ولأنَّ أن المشددة لا تلي الفِعْلَ فلما وليته المخففة لم تحكم المشددة، وتقولُ: أردتُ أن لا يقوم زيدٌ، وأحببتُ أن لا أسُوءَ عمراً فتنصب المستقبل بأن ولا يجوزُ رَفْعُه، لأن المشددة لا تكونُ مع الإرادة والمحبَّة. ألا ترى أنك تقول: ظننت أنَّ زيداً لا يقوم، ولا تقولُ: أردتُ أنَّ زيداً لا يقومُ. فإذا قُلْت خِفْتُ أنْ لا يقوم زيدٌ أو أعجبني أن لا يقعد عمرو، وكان لك في المستقبل الرَّفْعُ والنصبُ، إذا رفعْتَ قلت: المشددة تقعُ مع هذه الأفعال فأقول: خفت أنَّ زيداً قائمٌ وأعجبني أن زيداً لا يقوم. قال الشاعر في الرفع:
إذا مُتُّ فادفني إلى أصل كرمةٍ ... تُروي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني بالعراء فإنني ... أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها
فرفع المستقبل، لأن الشديدة تقع في موضع الخفيفة، وتقول: أردت أن أقوم،