للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الاحتمال الناشىِء عن دليل، وهذا الاحتمال الذي أُسست عليه طريقة المتكلمين ليس ناشئاً عن دليل فلا عبرة به (١).

وقد أجاب القائلون بالظنية بأن هذا الاحتمال ناشئ عن دليل هو وقوعٍ التخصيص وكثرته "فالاحتمال الناشئ عن هذه الكثرة إذا لم يكن راجحاً -لعدم ظهور القرينة الخاصة- فلا أقل من أن يكون احتمالًا مرجوحًا لجواز وجود القرينة مع خفائها وإذا وجد الاحتمال انتفى القطع" (٢).

وجوابهم هو من معنى المقدمة الثانية، وهي التي ردها الحنفية أيضًا وكذلك الشاطبي، فقد خالفوهم في مثلهم المشهور "ما من عام إلّا وقد خصص" فهذه ليست مسلمة عند الحنفية، وليست مسلمة أيضًا عند الشاطبي وقد عارضها شيخ الإِسلام ابن تيمية أشد المعارضة:

قال الإِمام الشاطبي: ردًا على القائلين بالاستدلال بالعمومات على تحسين الظن لا على تحقيق النظر والقطع بالحكم قال: "وفي هذا إذا تؤمل توهين الأدلة الشرعية وتضعيف الاستناد إليها وربما نقلوا في الحجة لهذا الموضع عن ابن عباس أنه قال: ليس في القرآن عام إلا مخصص إلّا قوله تعالى:

{وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (٣).

وجميع ذلك مخالف لكلام العرب ومخالف لما كان عليه السلف الصالح من القطع بعموماته التي فهموها تحقيقًا بحسب. قصد العرب في اللسان وبحسب قصد الشارع في موارد الأحكام" (٤).


(١) التلويح ١/ ٣٩ - وتخصيص العام ٣٩.
(٢) التحرير مع شرحه التيسير ١/ ٢٦٩ وتخصيص العام ٤٠، وستكون هناك مقارنة أذكرها إن شاء الله بين مسلك المتكلمين في نفي القطعية مطلقًا عن الأدلة -وقد سبق- وبين هذا الموضع.
(٣) سورة الحجرات: آية ١٦.
(٤) الموافقات ٣/ ١٨٤.

<<  <   >  >>